د. محمد عبدالله الخازم
صدر توجيه المقام السامي بالموافقة على تجنيس الكفاءات المتميزة في كافة المجالات وبعض الفئات الأخرى مثل أبناء الأم السعودية وهو التوجيه الذي رحب به الكثيرون. جزء من مهمة كاتب الرأي طرح رؤيته من زوايا قد تكون مغايرة أو مفسرة أو مستقصية لكنها حتمًا تهدف إلى الإضافة وطرح التساؤلات دون الإقلال من الجهود الرسمية. للكاتب رؤية يطرحها أحيانًا من خارج الصندوق ولصاحب القرار اتخاذ قراره بناء على معطيات مختلفة.
أعود لموضوع الجنسية وأرى أن فكرة التجنيس تأخذني لأسئلة خلفية حول نظام الجنسية السعودية بصفة عامة، قد يكون هذا القرار مفتاحًا لمناقشتها. النقطة الأولى، تتمثل في ازدواج الجنسية فبينما تسمح أغلبية الدول به فإن المملكة لا تسمح بذلك. قد يصعب إقناع الكفاءات المتميزة بالتخلي عن جنسياتها الأم، وهنا سيكون الحل، بل إن عدد السعوديين الحاصلين على جنسيات أخرى سواء بالولادة أو الاكتساب ليس بالقليل، وإن كان يصعب تحديده بدقة لأن منع النظام لازدواجية الجنسية يجعل من يحمل جنسية أخرى يصمت عن إعلانها. ربما حان الوقت لمناقشة هذا الأمر؛ إيجابياته وسلبياته، واتخاذ ما هو مناسب للسياسات والتوجهات السعودية. الأمر الآخر، الذي أطرحه كذلك بحساسية، تخشى الرقيب، يتمثل في وضع إطار حديث لكامل نظام الجنسية وما له علاقة به أو بديلة له من مصطلحات. فأرى مثلاً؛ ضبط عملية التجنيس وفق آلية نقطية أو نقاط رقمية، فمن يحقق النقاط المطلوبة يحق له التقدم أو الحصول عليها. كما أرى وضع تصنيفات واضحة لثلاث فئات يحكمها نظام الجنسية، ألا وهي أولاً، المواطن كامل المواطنة أو من هو حاصل على الجنسية السعودية وفق مفهومنا الحالي. وثانيًا، المواطن المهاجر أو صاحب الإقامة الدائمة (القرين كارد) التي تمثل مرحلة انتقالية نحو المواطنة الكاملة ويمكن تحديدها بمعايير نقاط تحدد أولوية مستحقيها والمدة الزمنية المطلوب البقاء فيها قبل الانتقال لكامل المواطنة، وهذه التي ستنطبق مثلاً على المتميزين وسواهم حيث سيحصل المتميز في تخصص نادر على نقاط أكبر تخوله الحصول على الجنسية بشكل أسرع. وكذلك يمكن منح ابن المواطنة نقاط مفاضلة أكبر تتيح له الحصول على الجنسية بشكل أسرع.. إلخ. وثالثًا، اللاجئون ويوجد لدينا فئة كبيرة منهم ممن تعيش بلادهم ظروف حرب أو كوارث أو ظروفًا إنسانية وسياسية معينة، وهذه الفئة تعد إقامتها مؤقتة ومربوطة بزوال ظروف بلادهم ما لم يتم تحويل اللاجئ من فئة لاجئ إلى إقامة دائمة. طبعًا تبقى فئة الزوار والعاملين في المملكة من مختلف الجنسيات تحكمهم أنظمة تأشيرات الدخول المتنوعة وقد يسمح لهم بالتقدم للحصول على الإقامة الدائمة بعد فترة من بقائهم في المملكة وفق شروط معينة. طبعًا واضح هنا بأنني أشير إلى قضايا تنظيمية لا تنتقص من سيادة الدولة وحقوقها في قضايا التجنيس ومنح الإقامة الدائمة والمؤقتة. مثل هذا التشريع أو التوضيح لما هو قائم يعم الرؤية المتمثلة في التوسع في الاستثمار الأجنبي ومنح ما يعرف بالبطاقة الخضراء، ويتسق مع التوجيهات السامية وآخرها الموافقة الكريمة بمنح الجنسية السعودية لبعض الفئات.