فضل بن سعد البوعينين
شدَّد سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان منذ اليوم الأول لإطلاق رؤية 2030 على القياس، كأداة رئيسة لمعرفة تطور برامجها وانعكاساتها على الاقتصاد والمجتمع، إضافة إلى المقارنة بين أهداف المحتوى الإستراتيجي، وواقع الحال في مرحلة التطبيق.
وزير المالية محمد الجدعان، أشار في تصريحات صحافية إلى إنه يتم حالياً المراجعة الدورية لمبادرات برامج تحقيق رؤية المملكة 2030 للتأكد من أنها تحقق المستهدف، كما أكد «أنه لن يكون هناك المزيد من الرسوم والضرائب إلا بعد بدراسة آثارها الاجتماعية والاقتصادية وتأثيرها على تنافسية الاقتصاد، وتنافسية الصادرات والواردات».
أعتقد أن حماسة بعض الوزراء في تطبيق برامج الرؤية في شقها المالي، أو ربما عدم قدرة الدراسات المنفذة على التنبوء بآثارها؛ تسبب بحدوث بعض الانعكاسات المؤثرة على النمو، وتكلفة المعيشة، والقطاع الخاص، الأمر الذي حمل الحكومة على تنفيذ برامج الدعم وتحفيز الاقتصاد والقطاع الخاص. كان متوقعًا حدوث بعض الانعكاسات السلبية كنتيجة للإصلاحات الشاملة، إلا أن بعض القرارات المالية ربما زادت من حجم الأثر على الاقتصاد.
ليس لدي إحصائية دقيقة يمكن من خلالها المقارنة بين تكلفة الدعم وحجم الوفر الذي تحقق كنتيجة لبعض البرامج الإحصائية، غير أن شمولية الدعم لم تكن حاضرة برغم حرص الحكومة على تحقيقه.
أعتقد أن اجتماع سمو ولي العهد مع القطاع الخاص والصناعيين، ومراجعته المباشرة لكثير من البرامج، أسهمت في اتخاذ قرارات مهمة لخفض حجم الانعكاسات السلبية ومعالجتها بأدوات كفؤة زادت من تفاؤل الجميع. ولعلي أشير إلى قرار تحمل الدولة المقابل المالي للقطاع الصناعي وانعكاساته الإيجابية على الاستثمار الصناعي وتوظيف السعوديين.
وزير الصناعة والثروة المعدنية بندر الخريف، أشار إلى أن القرار أسهم في توظيف 3 آلاف سعودي خلال شهرين، والترخيص لـ 124 مصنعًا جديدًا باستثمارات تجاوزت ملياري ريال سوف توفر 6 آلاف فرصة عمل جديدة.
هل من الممكن أن تؤثر قرارات خفض الرسوم إيجابًا على الاقتصاد، وملف البطالة؟
بيانات وزير الصناعة تُعزز الرأي القائل إن خفض الرسوم ترفع من تنافسية الاقتصاد، وتحفز الإنتاجية ما ينعكس إيجابًا على معالجة ملف البطالة. الربط بين توظيف السعوديين ورفع تكلفة العامل الأجنبي قد لا تكون الأداة الوحيدة المؤثرة في مقابل الأدوات الأخرى الأكثر تأثيرًا، ما يستوجب التعامل مع ملف البطالة برؤية غير تقليدية تسهم بتحقيق الأهداف المرسومة. كما أن من المهم المواءمة بين القرارات المالية والانعكاسات الاقتصادية بشكل عام. فزيادة الإيرادات المباشرة قد تعزز الدخل الحكومي في سنة التحصيل، غير أن انعكاساتها المستقبلية قد تتسبب في تقويض الإصلاحات المهمة، وقد تأتي بنتائج عكسية يستهلك علاجها أضعاف ما تم تحصيله من قبل.
نتائج القطاع الصناعي الإيجابية المتحققة بسبب تحمل الدولة لرسوم «المقابل المالي» التي أكدها وزير الصناعة تعزز من أهمية مراجعة ملف الرسوم كأداة من أدوات تحفيز الاقتصاد ورفع تنافسيته، وتوظيف السعوديين، إضافة إلى ملف تسعير الخدمات؛ حماية للمجتمع ودعمًا للاقتصاد.