إبراهيم بن سعد الماجد
التقنية عمومًا كما أن لها فوائد، لها أيضًا مضار، أحسن البعض التعامل معها، فكسبوا فوائدها، وسلموا من مضارها، والبعض الآخر اعتبرها كلها فوائد، فوقع في مصائدها، وأدركته الشقاوة.
وتأتي وسائل التواصل الاجتماعي كأحد هذه المنتجات التقنية التي أربكت المشهد الاجتماعي في السنوات الأخيرة، وأحدثت ما يمكن أن نسميه زلزالاً مرعبًا في القيم بشكل عام، خاصة في المجتمعات العربية والإسلامية.
قبل الخوض في هذه القضية دعونا نلقي نظرة على ميلاد هذه التقنية.. ميلاد المواقع الأكثر تأثيرًا في حياتنا، وإلا هناك تقنيات تواصلية تاريخها يعود إلى منتصف القرن الماضي، وكان تأثيرها في الغالب تأثيرًا إيجابيًا.
تم إطلاق موقع فيسبوك (Facebook) والذي استولى على صيغة عمل موقع كلاسميت، واعتبر موقع فيسبوك منذ إطلاقه عام 2004م شبكة مفتوحة لجميع طلاب الجامعات والمدارس الثانوية بديلاً عن موقع (MySpace) مع ملايين المستخدمين، تم إنشاء موقع (MySpace) في عام 2003م، وركز هذا الموقع على الفئة الشابة، وأصبح مكانًا للتواصل بين فنّاني الروك والمعجبين، وامتلك هذا الموقع بنية داعمة له لمساعدته على النمو، مما ساعد في انضمام ملايين المتصفحين إليه، ولكن في عام 2005م، قامت شركة نيوز كوربشن (News Corporation Ltd) بشراء موقع (MySpace)، وبسبب انتشار هذا الموقع بدأت السلطات القانونية بالتدقيق إزاء التفاعلات غير السليمة ما بين البالغين والقاصرين.
سناب شات:
(سناب شات: Snapchat) هو تطبيق تواصل اجتماعي لتسجيل وبث ومشاركة الرسائل المصورة، وضعها إيفان شبيغل وبوبي ميرفي، ثم طلبة جامعة ستانفورد، عن طريق التطبيق يمكن للمستخدمين التقاط الصور، وتسجيل الفيديوهات، وإضافة نص ورسومات، وإرسالها إلى قائمة التحكم من المتلقين. ومن المعروف أن هذه الصور ومقاطع الفيديو المرسلة على أنها «لقطات»، يعين المستخدمين مهلة زمنية لعرض لقطاتهم من ثانية واحدة إلى عشر ثواني، وبعد ذلك سوف يتم حذف الرسائل من جهاز المستلم وتحذف من الخوادم الخاصة بسناب شات أيضًا، لكن تم برمجة بعض التطبيقات التي تقوم بحفظ الفيديو المعروض عن طريق مبدأ بسيط وهو اختراق سناب شات بطريقة بسيطة بشكل متكرر. تعرض التطبيق لمحاولات استحواذ من شركات عدة. يتميز باللون الأصفر في كل إعلاناته ودعاياته).
تويتر:
(تويتر (: Twitter) أحد أشهر شبكات التواصل الاجتماعية ووسائل التواصل الاجتماعي في العالم، يقدم خدمة التدوين المصغر والتي تسمح لمستخدميه بإرسال «تغريدات» من شأنها الحصول على إعادة تغريد أو/ وإعجاب المغردين الآخرين، بحد أقصى يبلع 280 حرفًا للرسالة الواحدة.[2] وذلك مباشرة عن طريق موقع تويتر أو عن طريق إرسال رسالة نصية قصيرة أو برامج المحادثة الفورية أو التطبيقات التي يقدمها المطورون مثل فيسبوك وغيره. تظهر تلك التحديثات في صفحة المستخدم، ويمكن للأصدقاء قراءتها مباشرةً من صفحتهم الرئيسة أو زيارة ملف المستخدم الشخصي، وكذلك يمكن استقبال الردود والتحديثات عن طريق البريد الإلكتروني، وخلاصة أحداث الـ(آر إس إس) وعن طريق الرسائل النصية القصيرة، وذلك باستخدام أربعة أرقام خدمية تعمل في الولايات المتحدة وكندا والهند، إضافة إلى الرقم الدولي والذي يمكن لجميع المستخدمين حول العالم الإرسال إليه في المملكة المتحدة. أصبح موقع تويتر متوفرًا باللغة العربية منذ مارس 2012).
هذه لمحة موجزة عن مواقع التواصل الاجتماعي، تدل على حداثة هذه الوسائل، على الرغم من ضخامة أثرها وتأثيرها على المجتمعات.
في هذه المقالة أركِّز على مجتمعنا السعودي، وهنا أعرض إحصائية لوزارة الاتصالات وتقنية المعلومات عن استخدامات الشعب السعودي لوسائل التواصل المختلفة:
(تنامى اهتمام المجتمع السعودي بوسائل التواصل وتزايد تأثيرها في حياتهم اليومية، حيث شهدت تطبيقات وبرامج وسائل التواصل تزايد عدد مستخدميها في المملكة، حيث تضاعف عدد المستخدمين النشطين خلال الأعوام الأخيرة من 8.5 مليون مستخدم إلى 12.8 مليون، ثم أخيرًا وصل عددهم إلى 18.3 مليون مستخدم بما يعادل 58 % من تعداد سكان المملكة العربية السعودية.
وتعد الهواتف الذكية المنصة الأكبر في الدخول لشبكات التواصل الاجتماعي، ويقدر معدل دخول الشخص الواحد على شبكات التواصل باستخدام الهواتف الذكية بـ 260 دقيقة يوميًا.
واستحوذ كل من فيس بوك و»تويتر» على أكبر عدد من مستخدمي وسائل التواصل في المملكة، حيث بلغ مستخدمو فيس بوك 11 مليون مستخدم، بينما وصل عدد مستخدمو «تويتر» 9 ملايين مستخدم.
وحظي موقع يوتيوب بنسبة مشاهدة عالية، فقد حرص 7 ملايين مستخدم سعودي على مشاهدة مقاطع اليوتيوب بمعدل 105900 ساعة يوميًا.
وجاءت المملكة في المرتبة الأولى عربيًا والثانية عالميًا في استخدام موقع التواصل «سناب شات»، وتصدر واتساب وفيس بوك نسب استخدام منصات التواصل الاجتماعي المختلفة، بنسبة 22 % للواتساب، و21 % للفيس بوك).
نلاحظ أن الاستخدام لهذه الوسائل بلغ درجة ما يمكن أن نسميه (هوس) الاستخدام، خاصة للوسائل التي يغلب عليها الجانب الترفيهي، أو التواصل الاجتماعي المباشر. وهذا يعطي مؤشرًا خطيرًا يعكس شعار هذه الخدمة تمامًا، فبدلاً من (التواصل) أصبح (التقاطع)، وهذه حقيقة ماثلة لا تحتاج إلى دليل.
لكن الأمر الأكثر خطرًا، والأشد فتكًا، هو أن تتحول هذه الوسائل وأخص (تويتر) و(سناب شات) إلى وسائل لا أخلاقية، فتتجاوز الأدب، إلى قلت الأدب، فتحدث شرخًا، بل شروخًا في علاقاتنا الاجتماعية، فتهدم العلاقات، وتثير الخلافات، وتشكك في الانتماء، وتهول من الأخطاء، وتكون الطامة الكبرى عندما تصل إلى الأعراض!! فيكون القذف الجماعي، والتصنيف الطائفي!! عند هذه المرحلة نكون وصلنا إلى الخط الأحمر الذي لا يمكن السكوت عنه.
كيف الحل؟
لا أعتقد أن القوانين والأنظمة لوحدها ستقضي على هذه الظواهر السلبية، على الرغم من أهمية حزم الأجهزة الرقابية مع هؤلاء المتجاوزين، والضرب بيد من حديد، وأطرهم إلى الحق أطرًا، لكنني أميل إلى أهمية تكثيف الحملات التوعوية المختلفة، وتقديم النماذج المشرفة لرواد التواصل الاجتماعي كقدوات نالوا احترام وتقدير الدولة والمجتمع، هنا ممكن أن نحدث فرقًا وإن لم يكن منهيًا للمشكلة، فالمشكلة ستبقى بكل تأكيد، لكن الحدّ منها يُعدُّ هدفًا إستراتيجيًا، هكذا يجب أن يكون.
على مستوى الأسرة أرى أن ترشيد استخدام، أو بالأصح متابعة وسائل التواصل يجب أن يكون سياسة منزلية تُطبق ولو بشكل تدريجي، من أجل أن نتجنب ونُجنب أفراد الأسرة خطر الإدمان، الذي يقود إلى الضياع.
قلت:
تقنية التواصل.. تقاطع