وإذا أحب الله يوماً عبده
ألقى عليه محبة في الناس
سعيد من إذا توارى عن الوجود مُلبيا داعي المنون إلى دار الخلود، تاركاً أثرا طيباً وذكراً حسناً، تردده الأجيال على مر الأيام، مقرونا بالدعاء والثناء له والترحم عليه، راجين له طيب الإقامة في جدثه، فالغياب المفاجئ العاجل للأستاذ المحبوب عبدالله بن عبدالعزيز الرشيد -أبو عبدالعزيز- كان وقعه مؤلماً جداً على قلوب إخوته وأبنائه وأسرته، وقد سبق ذلك ساعات قلائل وأحاديث شيقة ومفرحة مع بعض أحبته، حيث فارق الحياة الدنيا مساء يوم السبت 6-2-1441هـ مأسوفاً على رحيله:
يا راقد الليل مسروراً بأوله
إن الحوادث قد يطرقن أسحارا
-تغمده المولى بواسع رحمته- ولقد أديت صلاة الميت عليه بعد صلاة العصر من يوم الأحد 7-2-1441هـ بجامع الحزم بالحي الجديد بمحافظة حريملاء، فقد ضاقت أرجاء المسجد وساحاته بجموع من المصلين رجالاً ونساء، ثم حمل جثمانه الطاهر صَوب مقبرة (صفية) ملتقى الراحلين هُناك، فأنزله أبناؤه بباطن الأرض فبات تحت طيات الثرى حميدة أيامه ولياليه، ثم انصرفوا مودعين له وبداخلهم ما بهم من حزن عميق ولوعات الفراق الأبدي، -كان الله في عونهم وعون زملائه ومحبيه-، ولسان حال الجميع يردد هذا البيت:
يا غائبا في الثرى تبلى محاسنه
الله يُوليك غفراناً وإحسانا
وكانت ولادته في حريملاء عام 1369هـ وعاش طفولته بين أحضان والديه وبين إخوته وشقيقته ورفاق دربه..، وعند بلوغه السنة السابعة من عمره التحق بالمدرسة الابتدائية بحريملاء، وكان أثناء دراسته لدينا في المرحلة الابتدائية حينما كنت مديراً لمعهد المعلمين ومشرفاً على المرحلة الابتدائية منذ عام 1379هـ، مثالاً في الخلق الأمثل ومحبوباً لدى معلميه ومع زملائه، وجاداً في استذكار دروسه، مما جعله في طليعة الطلبة النابهين..
وقلَّ من جد في أمر يحاوله
واستصحب الصبر إلا فاز بالظفر
ثم واصل الدراسة بالمرحلة المتوسطة، وقد تخرج من المعهد الثانوي للمعلمين بالرياض عام 1391هـ ثم عين مدرساً بمدرسة صلبوخ وكان مديرها الأستاذ الراحل محمد بن مرزوق -رحمه الله- ثم انتقل إلى مدرسة حريملاء الابتدائية وعمل بها عدداً من السنين، ثم التحق بالكلية المتوسطة للمعلمين بالرياض حتى نال الشهادة بها، ثم عاد إلى مدرسة حريملاء الابتدائية حتى تقاعد عام 1423هـ مبكرا
كما أن أعماله الوظيفية في حقل التدريس تتصف بالجد والإخلاص، وفي متابعة أبنائه الطلبة سلوكياً وتحصيلياً، مما جعل النفوس تميل إليه حُباً وتقديراً، كما كان محبوباً لدى جماعة المسجد وجيرانه مشجعاً على استمرار الدَّورية لتناول القهوة بعد صلاة المغرب على فترات متقاربة، وتبادل أطراف الحديث الشيقة، وتفقد أحوال بعض منهم، لتقوى أواصر المحبة والتآلف بينهم..، فهو كريم ندي الكف، ولا ننسى ذكرياتنا الجميلة مع والدهم -رحمه الله- وشقيقه الأستاذ اللطيف عبد الرحمن -متعه الله بالصحة- فهم أسرة كريمة، وقد دعاني منذ عقود طويلة لتناول طعام العشاء في منزلهم بحضور والده -رحمه الله-، وفي ذاك -الروشن- بالدور الثاني المحلى بإحدى جوانبه بهذين البيتين:
ألا يا دار لا يدخلك حزن
ولا يغدر بصاحبك الزمان
فنعم الدار تؤوي كل ضيف
إذا ما ضاق بالضيف المكان
تغمده المولى بواسع رحمته، وألهم إخوانه وشقيقته، وأبناءه وبناته وعقيلته، ومحبيه الصبر والسلوان.
** **
- عبدالعزيز بن عبدالرحمن الخريف