محمد سليمان العنقري
إلى متى ستستمر الصراعات ومشاريع الفوضى وعدم الاستقرار ؟. هذا هو السؤال الذي لا يغيب عن ذهن كل شعوب الشرق الأوسط منذ عقود وخصوصاً الثلاث الأخيرة منها وقد لا يختلف أحد أن من زرع هذه القنابل الموقوتة بالمنطقة وألهب الصراعات هي القوى العظمى نفسها بأساليب وطرق عديدة ساعدهم بذلك طابور خامس من أنظمة راعية للإرهاب على رأسها إيران ومعها مليشيات وظيفتها زعزعة استقرار الدول مما استنزف موارد وثروات كبيرة وهو بنهاية المطاف يصب بمصلحة شركات الأسلحة التي تمتلكها أو تعمل بتلك الدول العظمى مما انعكس على اقتصادياتها بنمو قوي وولد وظائف وانعكس الأثر بقطاعات عديدة لديها فيكفي أن نعرف بأن 35% من صادرات الأسلحة بالعالم حسب معهد استوكهولم لأبحاث السلام ذهبت للشرق الأوسط خلال السنوات الخمس الماضية.
لكن هل فعلاً هذا ما تسعى له هذه الدول الكبرى بنهاية المطاف أي أن تستمر بدعم الفوضى لبيع الأسلحة فقط؟ بالتأكيد الجواب بالنفي فما قاموا به من إذكاء للصراعات وما لحق من دمار بدول عديدة كليبيا والعراق وغيرها من تأخر بالتنمية بدول عديدة شرق أوسطية سيتطلب ضخ تريليونات من الدولارات لإعادة الإعمار فإيران والعراق إعمارهم واحتياجاتهم للتنمية تتطلب أكثر من تريليوني دولار على الأقل وإذا ما نظرنا لبنية الدول المدمرة أو الفقيرة بالمنطقة فالمبلغ الذي تتطلبه تنميتها سيكون أيضا بأكثر من أربعة تريليونات دولار على الأقل وفق تقديرات دولية عديدة، ولذلك فإن القوى العظمى ستسعى للحصول على نصيب الأسد من المشاريع الضخمة حجماً وتكلفة التي تحتاجها المنطقة بالعقود القادمة أي أنها استغلت فترات الصراعات بإطالة أمدها لكي تبيع الأسلحة وتتدخل بشؤون المنطقة حتى تكون هي المستفيد الأكبر من إعمار هذه الدول المنهكة مما يحيلها لدول مديونة بمبالغ هائلة أو تخصخص مرافقها مقابل القروض التي ستحصل عليها لبنائها وبالتأكيد ستكون شركات هذه القوى الكبيرة هي الجاهزة لإدارة هذه المرافق.
فالدول التي تسيطر على المشهد السياسي والاقتصادي الدولي لم يعد بإمكانها أن توسع من حجم اقتصادياتها داخلياً بما يسمح لها بنمو مستدام فشعوبها ترتفع فيها معدلات الإعمار ونسب الاستهلاك تنمو ببطء وهو ما يعني ضرورة إيجاد أسواق جديدة يتم فيها بيع جل إنتاجها من السلع والخدمات كونها الدول الأكثر تقدماً علمياً وتقنياً وكذلك غزيرة بالإنتاج، فحقيقة الصراع بالمنطقة دوافعه اقتصادية من القوى العظمى وهذا ليس سراً لكنه سينتقل قريباً لمرحلة جديدة تشهد حضورا كبيرا لشركاتهم لتحصل على الحصة الأكبر بالتنمية والمشاريع الاستراتيجية فهذه الدول التي تسيطر على قرار مجلس الأمن الدولي جميعها تتسابق للمنطقة لمصالح اقتصادية ومنفذهم كان هو الفوضى والصراعات التي لعبوا دورا رئيسيا بإشعالها سواء بشكلٍ خفي أو علني مباشر.
باستثناء دول مجلس التعاون الخليجي الستة التي حققت قفزات تنموية كبيرة وواسعة وقلصت كثيراً من الآثار السلبية لصراعات الشرق الأوسط على اقتصادياتها، فإن بقية دول المنطقة غرقت بتلك الصراعات وبعضهم كان معول هدم ومصدراً للإرهاب والفوضى ولم ينالوا إلا الخراب وتأخير بالتنمية كالعراق ولبنان وكذلك إيران التي تحاول إخفاء حالة غضب الشعب الإيراني على وضعهم الاقتصادي والذي تشير تقارير أن النظام قتل المئات منهم بهدف قمع ثورتهم وإخمادها.