وتعاقد العقد الوثيق وأشهدا
من كل قوم مسلمين عدولاً
شطرا بيت لأبو العباس - رضى الله تعالى عنه- حَوِيا مختصرًا لمبدأي العدالة، اللتين تحققا، وشهد لهما القاصي والداني، وأولهم بن المغفور له (جمال خاشقجي) صلاح خاشقجي عبر حسابه في تويتر: «إنصاف القضاء يقوم على مبدأين، العدالة وسرعة التقاضي، فلا ظلم ولا مماطلة. اليوم القضاء أنصفنا نحن أبناء المرحوم، بإذن الله جمال خاشقجي، ونؤكد ثقتنا في القضاء السعودي بكافة مستوياته وقيامه بإنصافنا وتحقيق العدالة، الحمد لله والشكر له».
فقد روى الخطيب البغدادي بإسناده إلى القاضي أبي بكر محمد بن الطيب أنه قال: (العدالة المطلوبة في صفة الشاهد والمخبر هي العدالة الراجعة إلى استقامة دينه، وسلامة مذهبه، وسلامته من الفسق، وما يجري مجراه مما اتفق على أنه مبطل العدالة من أفعال الجوارح والقلوب المنهي عنها).. والحياة سباقة بأحداثها فالأخطاء والتجاوزات تحدث في كل دول العالم مهما كانت قوة النظام، ويبقى دور الدولة في معاقبة مُرتكبيها واتخاذ أشد الإجراءات لضمان عدم تكرارها، وذلك رأيناه في استقامة السلطات القضائية السعودية بإنصاف وشفافية الجهات العدلية لتحقيق شريعتها التي أمر الله بها مع كل الأطراف قبل إصدار الأحكام، منذ اليوم الأول والجميع سواسية لا استثناء لأحد مهما كان، في ظل القرارات الحاسمة التي أصدرها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -حفظه الله-، التي قضت بمُحاسبة كل من تورط فيها لينال جزاءه الرادع، وسط حضور سفراء الدول الكبرى لجلسات المحاكمة، ومنظمات حقوقية سعودية، وأبناء المجني عليه، لأن المملكة ليس لديها ما تُخفيه، سعيًا منها بكل وسائلها لمحاكمة عادلة، فأرسلت ما يقارب من 13»إنابة قضائية» إلى تركيا لطلب ما لديها من أدلة وقرائن تتعلق بالقضية، التي لم يرد منها سوى إنابة قضائية، واحدة فقط حتى صدور الأحكام، فكانت العدالة مانعة لأي استهداف من قبل أي دولة أو جهة كانت للمملكة والتدخل في شؤونها الداخلية وإحباط مساعي المتاجرة بدم المواطن السعودي جمال خاشقجي، من خلال التعليق على الأحكام القضائية التي تصدر عنها، بعد أن حاول كثير من الأطراف الإقليمية والدولية استغلالها للإساءة إلى المملكة ودورها المحوري في المنطقة، لذلك رأينا المفوضة السامية لحقوق الإِنسان، ميشيل باشليت، تُؤكد أن «النيابة التي أثبتت شفافية عالية في التعامل مع القضية عبر إصدار البيانات وإعلان آخر المستجدات حول القضية، لا تزال مستمرة في استجواب المتهمين وتسجيل كافة أقوالهم وتواصل البحث عن أي أدلة وقرائن، وتزويد المحكمة بما يستجد». فخلال أحد عشر شهرًا استكملت النيابة العامة تحقيقاتها وإجراءاتها في هذه القضية التي دارت دائرتها حول (31) شخصًا، وإيقاف (21) منهم، واستجواب عشرة دون توقيف؛ لعدم وجود ما يَستوجبُ إيقافهم، ليأتي حُكم أهل العدالة بقتل خمسة من المدعى عليهم قصاصًا، وهم المباشرون والمشتركون في القتل، وسجن ثلاثة لمخالفة الأنظمة وتسترهم على هذه الجيمة، بأحكام سجن متفاوتة تبلغ في مجملها (24) عامًا، ورد المحكمة طلب المدعي العام الحكم بعقوبة تعزيرية على ثلاثة من المدعى عليهم لعدم ثبوت إدانتهم في القضية في الحق العام والحق الخاص، إلى جانب حفظ الدعوى بحق عشرة أشخاص والإفراج عنهم لعدم كفاية الأدلة.
لقد قطعت السعودية شوطًا مهمًا وقياسيًا في سبيل إظهار الحقيقة ومُحاسبة المُتورطين عبر التحقيقات الشفافة، وإعادة هيكلة شاملة لأداء أجهزتها الاستخباراتية، ما يُؤكد أن المملكة ماضية في إصلاح منظومتها الحكومية لتحقيق العدالة، بالرغم من أن قضية كقضية خاشقجي لم تستغرق وقتًا نظرًا لتعدد أطرافها ولدرجات التقاضي ولأهميتها قبل صدور الأحكام النهائية، ليأتي هذا الإعلان امتدادًا لنهج المملكة منذ اليوم الأول عن إصرارها لتحقيق العدالة، وها هي تعلن الأحكام التي أصدرها القضاء السعودي للرأي العام الداخلي والخارجي، مؤكدة للعالم أن نهجها السمح يفرض عليها إظهار الحقيقة وهو هدفها الأول.
** **
- حماد الثقفي