فهد بن جليد
قبل ثلاث سنوات بالتمام والكمال كتبتُ هنا مقالاً بعنوان (مُحاربة الدخان المضروب) نُشر في 15 ديسمبر 2016م, لم أتحدث حينها عمَّا يشغل الساحة اليوم من حقيقة هل الدخان الجديد مغشوش أو مضروب؟ وهي القضية الجدلية التي مازالت رحاها دائرة حتى اليوم, ففي ذاك اليوم كنتُ أنظر إلى أنَّ تسريب مقاطع ومَشَاهد لأنواع (غير معروفة) من الدخان الرخيص يتم الترويج والتسويق لها عبر الأفلام والمسلسلات العربية أمر خطير, ينم عن الترويج لدخان مضروب يجب مُحاربته قبل مُحاربة الدخان الأصلي, وهنا ذكرت أنَّ إحدى شركات التبغ العالمية تدفع سنوياً 75 مليون دولار إعلانات في بعض البلدان الفقيرة لمُحاربة هذه الأنواع الرخيصة من التبغ, فكم تدفع للتسويق في بلداننا المُستهلكة للأنواع الأصلية؟ إذا تسلَّلت إعلانات التبغ إلى وسائل الإعلام فقل على المجتمع السلام, والحقيقة أنَّنا اليوم نواجه خطراً جديداً بقبول بعض وسائل الإعلام تمرير إعلانات (غير مباشرة) للدخان، ونخشى أن تتطور غداً لتصبح قبولا كاملا بإعلان صريح، الأمر الذي يتطلب وقفة جادة وحاسمة من الجمهور نفسه قبل الجهات الرقابية, شبيهة بتلك التي تحدث اليوم مع حقيقة أنَّ الدخان الجديد مضروب أو مغشوش.
بعض القنوات لا تتقاضى مبالغ مالية مقابل مَشَاهد التدخين التي تظهر في الأعمال التي تعرض على شاشاتها، على اعتبار أنَّ الماركة أو اسم الشركة المصنعة للتبغ غير معروفة، وفي الحقيقة أنَّ السماسرة الحقيقيين الذين يحصلون على هذه المبالغ هم المنتجون أثناء التصوير، ومن جهات مجهولة قد تكون مُرتبطة بشركات التبغ، مما يدل على وجود مافيا وعصابات للترويج بأشكال وطُرق مُختلفة ومتنوعة، بإظهار الأبطال والشخصيات الناجحة والمؤثرة في العمل وهي تدخن أو تتعاطى الشيشة, هذه مسألة قديمة مُتجدِّدة مُنذ السبعينات الميلادية وحتى اليوم.
معركة الدخان المضروب الجديدة لا تعنيني, بقدر ما يعني تأثير المستهلك على الهيئات والمصالح الحكومية وعلى الموردين والشركات العالمية, عندما أجبر الجميع على النزول إلى رغباته والاستجابة لمطالبه المشروعة بالحصول على المنتج المُتفق على ضرره, ما حدث يجعلنا أمام مسؤوليات جديدة وحقيقة معاشة أنَّ الحل والتأثير ليس في يد الشركات أو الهيئات بل هو في الاستمرار بتوعية المستهلك ليتخذ القرار المناسب بالإقلاع بالطُرق والأدوات الصحيحة المؤثرة والفاعلة.
وعلى دروب الخير نلتقي.