فيصل خالد الخديدي
عاشت الساحة التشكيلية المحلية خلال الأيام الماضية لحظات من الجمال مع تشكيليات برزت أعمالهن على ضفاف معرضين في مدينة الفن جدة، أحدهما جماعي والآخر شخصي، وكانت المتعة البصرية حاضرة في كلا المعرضين, جاء المعرض الأول بقاعة نسما آرت لأربع فنانات تحت مسمى (جزء من حتى) جمعهن بيان مشترك للمعرض, في رحلة البحث عن حتى وعن النهايات الزمانكية، كل فنانة منهن ارتحلت بمجموعة ألوانها لتكتب حرفاً ملوناً في سِفر الجمال، فتنوع الطرح والأسلوب لكل منهن ولكن اتفقن على رحلة البحث، فقدمت الفنانة ريهام بارك مجموعة وجوه تعبيرية تعتليها مسحة من إرهاق ونظرات غربة وبحث عن علاقات إنسانية مفقودة في وسط عالم مادي تقني معاصر, وقدمت مجموعة أعمالها بألوان عريضة وباليتة واسعة ورموز محدودة تضاف لموضوعها الرئيس وهي الوجوه الإنسانية, ومن منطلق آخر لرحلة البحث في حتى قدمت الفنانة حياة الغامدي مجموعة أعمال غنية لونياً مجردة موضوعياً لتبحث عن ضوئها الداخلي واستنطاقه من خلال غيوم اللون وعواصف إيهامات الآخر وسطوته، فانبعثت طاقة أعمالها وضوئها من منتصف العمل في حركة لونية محورية تقتبس نورها من الداخل لتنشد الوصول للنهايات المأمولة. أما الفنانة نورة الزهراني فكانت رحلتها في البحث تحمل شيئًا من الرموز الإنسانية والأثرية التي لا زالت تقع تحت وطأة ألوانها السيادية والتي غالباً ما تكتفي بلون أو لونين ودرجاتهما وتحمل في أعمالها حراكاً دائماً ناتجاً عن جدل ما بين ألوان مقدمة العمل ورموز أرضية العمل. أما الفنانة بسمة المسعودي فقدمت مجموعة أعمال تجريدية ثرية لونياً في حوار بين ذاتها والمكان وعواطف متقدة تبحث في الوصول لحتى عن شيء من الأمان.
أما المعرض الثاني والذي استضافته قاعة داما آرت فجاء رحلة شخصية للفنان ندى العلي للبحث عن (الإخلاص) اتسم بالجرأة في تلخيص وتجريد الشكل والإبقاء على ألوان متدفقة ومتنوعة تنوعاً يختص بندى ذاتها في سيطرة وتمكن على المساحات وتوزيع اللون بها, وقدرة عالية في إدارة دفة أعمالها وتوجيهها بمهارة وتلخيص لتصل للخلاص المنشود. ولتقدم هي وفنانات «حتى» نموذجاً مميزاً لجيل من الفنانات الجادات في الطرح والمجتهدات في تقديم أنفسهن وفنهن بشكل يستحق الكثير من الدراسة والبحث.