د. صالح عبدالله الحمد
كنت قد تحدَّثت في مقال سابق عن الجلود وأهميتها، والمحافظة عليها، وإقامة المصانع لها وهأنذا أكمل حديثي اليوم عن ثروة أخرى تضيع هدرًا ولا يستفاد منها إلا وهي مخلفات النخيل.
حيث في بلادنا الغالية مواد خام كثيرة تذهب سدى ولا يستفاد منها اقتصاديًا ولو استخدمت لكان لها جدوى اقتصادية كبيرة، تعود على بلادنا بوفرة اقتصادية، تسهم في نمو الاقتصاد وتنوعه، مسايرة للبترول ومشتقاته ولا استفاد منها عدد كبير من الباحثين عن العمل، والمستثمرين، وأقيمت لها الشركات الكبرى، التي سيكون لها المردود الإيجابي اقتصاديًا على بلادنا العزيزة فهذه المواد الخام التي تهدر ولا يستفاد منها ونحن مع الأسف في مقدمة بلدان العالم، في وجودها، وتوفرها، لدينا بكثرة يأتي في مقدمة هذه المواد «النخيل» ومخلفاتها التي تذهب سدى دونما فائدة، سوى مساهمتها في تراكم مخلفات الزبالة وتدهور البيئة خارج المدن وداخلها..
إن الاستفادة من مخلفات النخيل، وإقامة المصانع للاستفادة منها أيضًا مطلب ضروري، اقتصادي، مهم... ذلك لأننا سننتج أشياء صناعية عديدة من مخلفاتها، التي نحتاج إليها في حياتنا، وتحتاج إليها حيواناتنا، ثم تصدير الفائض من ذلك إلى الخارج، لينمو اقتصادنا أكثر..
حيث من مخلفات النخيل تنتج الأعلاف، والأسمدة، ومواد التنظيف، ثم الأهم من ذلك «الليف» الذي يستخدم في تنظيف الأواني الذي مع الأسف نستورده من الصين حاليًا، وكذلك الحطب الذي نحتاج إليه شتاءً للتدفئة، وربما للطبخ خارج المدن أو داخلها أحيانًا، أما المنتجات الأخرى من النخيل وهي الأهم التي تسهم مساهمة فعالة في توفر الغذاء الجيد من تمور، ودبس، ومشتقات ذلك وما في محتوياتها من الفيتامينات التي لها الدور الإيجابي في غذاء الإنسان والحيوان معًا، فالإنسان له التمور، والدبس، والحيوان له مخلفات التمور، والأعلاف، المختلفة التي تنتج من مخلفات النخيل.
وأما المنتوجات الأخرى التي ننتجها من سعف النخيل، كالحصر، والمراوح اليدوية، والزنابيل، والأواني والقلل، التي هي بحق من أحسن المنتوجات التي يقتنيها المواطن والزائر لهذه البلاد، التي إذا توافرت وصدرت إلى خارج المملكة سيكون لها الطلب الكثير وسيكون لها مردود اقتصادي وفير كما ذكرت..
والحديث عن النخيل وفوائدها يطول كثيرًا ولا استطيع حصره في هذه العجالة، لكنني أنوه فقط بالاهتمام والاستفادة من هذه المخلفات التي تتوافر في بلادنا بحمد الله حيث نعد من أوائل بلدان العالم في هذا المجال كما ذكرت.. لكننا مع الأسف مقصرون كثيرًا لا سيما في تصدير أنواع التمور الجيدة إلى بلدان العالم المختلفة، الذين يحرصون كثيرًا كما شاهدت على الحصول على أنواع هذه التمور الجيدة، ويكفي في هذا كله قول الله تبارك وتعالى «والنخل باسقات لها طلع نضيد، رزقًا للعباد وأحيينا بها بلدة ميتًا كذلك الخروج..» {ق10-11}.
لذا فإننا مطالبون سريعًا بالاستفادة من النخيل وإنتاجها، ومخلفاتها، من صنوخ، وكَرَبٍ، وليفٍ، وسعف، ونوى، وهو مخلفات التمر، وتطويعها لتكون منتجات مختلفة تعود على هذا البلد الكريم بالخير والاقتصاد الوفير ولتكون مساندة لتطور اقتصادنا وعدم الاعتماد على البترول فقط، ونسهم مساهمة فعالة في الرفع من مستوى النظافة والجمال في بلادنا وذلك بالقضاء على هذه المخلفات التي تتراكم وبأشكال مخيفة في مدننا المختلفة وأمانات وبلديات المدن تشهد وتتأذى من ذلك... والله الهادي إلى سواء السبيل..