مسفر آل فطيح
النظام الإيراني يتصدر الدول التي تختلق الأزمات وتنشر الجهل وتسوق للمؤامرات وأن هناك أعداء ومخططات وهذا هو غطاء شرعي لنهب الموارد والثروات من قبل المتنفذين وإقناع المواطن الإيراني بأن كل ما يجري هو من الأعداء على حسب تعبيرهم وليس من سياسة النظام..
الفقر المدقع وتدني الأجور وسوء الخدمات ووجود المشردين في الحدائق والشوارع أصبح ينتشر بشكل متزايد في المدن الإيرانية، وفي المقابل زادت الموارد المالية لقادة الميليشيات الموازية للمؤسسة العسكرية التي هي المسؤولة عن القمع وعن الميليشيات في العراق وسوريا..
هذه السياسة انتقلت لبعض الوكلاء في العراق، وبعدما وصل المواطن العراقي لحالة من اليأس، انفجرت مظاهرات عفوية في النجف وكربلاء والناصرية والبصرة معقل قادة الحشد الشعبي، هناك عدد من المرجعيات الدينية ركبوا موجة المظاهرات نتيجة الخوف من غضب الشعب الثائر، دفعت إيران ببعض الميليشيات لكبح جماح المظاهرات فكانت النتيجة هي إحراق صور المرشد الأعلى علي خامنئي..
كانت سياسة إيران هي احتضان قادة القاعدة والتنظيمات المتطرفة في إيران ودعمها لوجيستيا وماديًا رغم الاختلاف العقدي، وهذا حسب وثائق عثر عليها مع قادة القاعدة وحسب اعترافات المعتقلين منهم..
كان هناك تواطؤ في اجتياح الموصل من قبل 300 مقاتل من داعش فقط، وعلى إثر هذا الاجتياح تكون الحشد الشعبي الذي هو الآن يقمع الشعب العراقي بالقتل والسحل في الشوارع..
سقطت داعش في العراق وسوريا، وكانت داعش تتاجر بفكر البسطاء والمغفلين كما تتاجر إيران بالتطرف والأزمات المفتعلة، وبشكل أو آخر جعلت إيران من المتطرفين عدوًا حقيقيًا لها وهذا هو عدو شكلي أمام المواطن الإيراني والمجتمع الدولي، ولكن هذه الحرب بين المتطرفين وإيران هي حرب تكتيكية مخطط لها ولكنها في الظاهر لكلا الطرفين أنها حرب مقدسة، وهدفها الحقيقي حشد الاتباع ونشر الجهل والمتاجرة للبقاء..
من خطط إيران نشر الاختلاف الطائفي والاقتتال وطرد العلماء والمفكرين والباحثين خارج العراق، وإعطاء قطاع الطرق وأصحاب القضايا الجنائية مزيدًا من النفوذ والدعم المادي والسبب لتفادي ما يحصل الآن من الشعب العراقي، الفساد يحتل المرتبة الثانية بعد الإرهاب في أي مكان..
أي دولة تدخلت فيها إيران سياسيًا، ظهرت الشعوب تندد بهذا التدخل السافر الذي كان السبب الرئيس في الفساد وفي كل معضلة يعاني منها المواطنون في تلك الدول..
إيران تسوق لخرافة الولاية وكانت هذه السياسة سابقًا يقتنع بها الأغلبية، ولكنها اصطدمت في وقتنا الحاضر بقوة الإدراك والوعي لدى الشعب الإيراني ولا سيما في العراق والتطلع إلى المستقبل المشرق..
إدارة الرئيس أوباما غضت الطرف عن تركيا التي تتاجر بالدين وتدعم الإخوان المسلمين دعمًا مباشرًا، وإيران التي تتاجر أيضًا بولاية الفقيه، ولديهما أحلام بتمدد الفارسية والعثمانية البائدة على حساب الشعوب العربية وقضية القدس..
التطرف ودعم المنظمات المتطرفة هو أحد الأعمدة القوية التي يعتمد عليها النظام الإيراني، وبمجرد سقوط واختفاء الإرهاب لن يكون هناك أعذار وحجج لدى إيران تتاجر بها..
الشعب العراقي ليس لديه فن الإمساك بخيوط السياسة والتلاعب بها حسب المصالح كما تفعل إيران وتركيا وبعض القوى العظمى، ولكنه شعب ثائر ظهر لأجل تدخل إيران في العراق ولأجل الظروف الاقتصادية السيئة والعيش بكرامة وحرية ونزع الوصاية الإيرانية ولا شك أن العقوبات الاقتصادية التي هدفها وقف تمويل الإرهاب والمشروعات التوسعية لإيران وتركيا بدأت ثمارها تلوح في الأفق..