د.شريف بن محمد الأتربي
أعلن يوم 15 ديسمبر عن انتهاء فعاليات «موسم الرياض» مع استثناء بعض المناطق من هذا التاريخ وتشمل»ونتر وندرلاند» و»المربع والسفاري» و»صحارى الرياض»؛ التي ستظل مفتوحة أمام الزوار حتى 18 يناير 2020، في حين سيتم التمديد لمنطقة «الرياض بوليفارد» إلى نهاية شهر مارس 2020.
ومع النجاح الهائل الذي حققه موسم الرياض على كافة الأصعدة وكافة الفعاليات التي تضمنها يعود إلى الأذهان السؤال الحائر بين أبناء المجتمع: ماذا بعد «موسم الرياض»؟.
هذا السؤال يلقي بثقل وعبء كبيرين على كافة مسؤولي الدولة للإجابة عليه، فما قُدم في «موسم الرياض» حدث استثنائي لا يمكن تكراره ما لم تتفق إرادة كافة أجهزة الدولة على أن يكون «موسم الرياض» هو نقطة انطلاق لما هو أبدع من ذلك. فخلال هذه الفترة الوجيزة استطاع أبناء وبنات الوطن أن يضربوا أروع الأمثلة في الالتزام والتقيد بالقوانين المنظمة لمثل هذه الأحداث الكبيرة ولم يعكر صفو الحدث سوى بعض التجاوزات التي لا تعد على أصابع اليد الواحدة والمدقق فيها يجد أن أغلبها كان هدفه الأول الإساءة للمجتمع السعودي وتحميله من الصفات ما هو منها ببريء.
إن مجتمعنا في ظل قيادة مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو سيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان «يحفظهما الله»، استطاع أن يثبت للعالم أجمع مدى تحضره وأن فكره حمايته من خلال اختيار ما يقدم له كانت وهما ابتدعه بعض المنتفعين من ذلك على مدار عشرات السنين، فما حدث وما سيحدث مستقبلاً في أي فعالية تتبناها الدولة ممثلة في أي هيئة من هيئاتها سيثبت للجميع مدى مقدرة أبناء الوطن على التأقلم مع معطيات العصر والترفيه والثقافة دون أي غضاضة.
والمتتبع للأحداث التي مر بها الوطن خلال الفترات القصيرة السريعة الماضية يجد أننا شعب راقٍ ومتحضر وليس كما يحاول البعض أن يصفه بالهمجية والرجعية والإرهاب؛ فهذه ملاعبنا قد احتوت كافة أفراد الأسرة كبيرهم وصغيرهم نساءهم ورجالهم، ومن قبلهم أطفال في عمر الزهور استمتعوا جميعًا بمشاهدة مباريات دوري الأمير محمد بن سلمان من داخل أرجاء الملعب وتفاعلوا مع اللاعبين كما نشاهد في جميع مباريات كرة القدم في كافة دول العالم.
وفي قيادة المرأة حدث ولا حرج؛ فهن أكثر وعيًا بتعاليم وآداب القيادة، والأكثر التزامًا بها، وسرعان ما تأقلمن مع طرقات المملكة التي يشير البعض إلى أنها تحتاج كثيرًا من المهارة للتعامل معها. وفي تمكين المرأة وتحولها من تابع للرجل إلى شريك في التنمية أكتب كما شئت فلن تنتهي الكلمات ولن تختفي الأورق ولن تفنى الأحبار مهما كتبت في ذلك؛ فهذا التغير وسرعة حدوثه لا يمكن أن يستوعبه بشر.
وعودة على ذي بدء؛ نجد أن «موسم الرياض» قد ألقى بعبء ثقيل على كافة قطاعات الدولة التي تهتم بالشباب والشابات وبترفيه وتثقيف المواطن وعلى جميع هذه الأجهزة أن تعمل -ولا بد أنها عملت- على وضع خطة تستفيد فيها من هذه النقلة لأبناء الوطن في استحداث الكثير والكثير من الفعاليات التي يمكن أن تحتويهم وتنقل لهم أفضل ما يقدم في الخارج لأبناء وبنات الدول الأخرى.
كنا قديمًا لا نجد سوى معرض الكتاب الذي يمكن تصنيفه أنه حدث مجتمعي؛ الآن المطلوب أوبرا الرياض ومسارح الرياض وسينما الرياض وأندية أدبية وعلمية ومهرجانات عالمية في كافة الموضوعات؛ مهرجان الرياض الأول للأفلام القصيرة مثلاً، مهرجان الرياض للفن التشكيلي، عروض أزياء، مهرجانات عديدة يجب أن تستضيفها الرياض فقد غابت كثيرًا عن الساحة بفعل موروثات ومعتقدات طمست على عيون وأفكار أجيال كثيرة وحرمتهم من متعة التواصل مع العالم ما لم يكن الواحد منهم يملك ثمن التذكرة للسفر للخارج والاستمتاع بما يقدم من فنون وترفيه اشتاق كثيرًا أن يرى مثلها يقدم في موطنه خاصة مع المبتعثين - ورود الوطن التي تفتحت في الخارج - الذين عادوا ليشاركوا أبناء الوطن في الداخل تنمية وتحديث الوطن في كافة قطاعاته.
أعيدوا إلى الرياض مكانتها التي يجب أن تكون عليها؛ بل أعيدوا إلى كافة مدن المملكة مكانتها التي تستحقها واستثمروا طاقات أبناء وبنات هذا الوطن المعطاء في إثراء ثقافته وزيادة وعيه وتنمية الانضباط الذاتي لديهم بدلاً من الانضباط بالعصا.