د. عائشة الفيحان
تسير الجامعات السعودية بخطى واثقة نحو التغيير الإداري من العام إلى الخاص. ويبدو أن ذلك سينعكس بشكل أو بآخر على الجانب الأكاديمي، إلا أن هذا التحول، بما فيه من إيجابيات وسلبيات، يلقي بظلاله على نفسية الأكاديمي، ويخلق قلقًا لديه، يدفعه إلى التوجس من شكل هذا التحول ونتائجه.
إنه في ظل هذا التحول الجديد الذي ستشهده الجامعة، وهو تحولها من جامعات معتمدة كليًّا على الدولة إلى جامعات تعتمد على ذاتها، ماليًّا وإداريًّا، سيدفعها ذلك إلى الإنتاج والتنافس في الأصعدة كلها، وإثبات الذات من خلال اعتمادها البرامج الأكاديمية المتميزة، ودعم البرامج البحثية، والتعاقد مع الأعضاء المتميزين.
إن ما تسير نحوه الجامعة السعودية لأمر يدعو إلى الوقوف أمامه بكل حيادية وتجرد؛ فهو يبدو مفيدًا من جهة إلا أنه يدعو إلى التساؤل، ولاسيما التساؤل حول مصير الأكاديمي السعودي، ولاسيما الأكاديمي المتميز والمنجز؛ لأنه مصير سيكون مرهونًا بإدارة يقع بيدها كل شيء. فهل ستكون الإدارة منصفة وحيادية أمام الأكاديمي بغض النظر عن الإشكالات الشخصية التي قد تحدث بينه وبين هذه الإدارة؟ بمعنى هل سيكون التقييم علميًّا صرفًا، وكذلك التقويم، بغض النظر عن أي نازع آخر؟
هذا لا يعني أن ثمة شكًّا في أي عنصر في الإدارة، ولاسيما أن جامعاتنا تمتلك إدارة رشيدة وحكيمة، لكن هنالك استثناءات قد تحدث - لا قدر الله - فماذا بشأن هذه الاستثناءات لو حدثت؟
إن التعاقد السنوي مع أعضاء هيئة التدريس المحللين والدوليين دافعٌ لهم صوب التنافس العلمي المستمر، وهو تنافس من أجل إثبات العضو المتعاقد معه كفاءته وتميزه، لكن ما زال الأمر فيه من الضبابية حيث التقييم، كيف سيتم تقييم عضو هيئة التدريس؟ وهل سيكون التقييم عادلاً؟ إن هذا الأمر يتطلب أكاديميًّا قياديًّا نزيهًا وحازمًا في الآن ذاته، لا يقف إلا في صف التميز والعلم دون غيرهما، قياديًّا يؤمن بأن القمة تتسع للجميع من خلال العمل المؤسسي والتشارك للارتقاء بالجامعة، وتقبُّل الرأي والاختلاف الخلاق من العضو الناجح.
لا يزال الأمر يدور حول فكرة القيادي، ولم نقل القيادية، وهي دعوة منا إلى منح المرأة مكانتها في القيادة في الجامعة السعودية؛ فلعلها تسهم في إدارة دفة التكامل واستكمال النجاح والتميز الذي تشهده الجامعة، ولعل من حسن الطالع أن جامعة حائل قد مكّنت سيدة من منصب قيادي، كان حكرًا لزمن طويل على الرجال؛ إذ شغلت المرأة منصب عميدة لشؤون المكتبات، وهي امرأة قد أثبتت بجدارة أنها أهلٌ لهذا المنصب؛ لأنها لم تبخل بوقتها أو بجهودها؛ فقد قدمت الكثير وكل من تعامل معها أو عرفها عن قرب يشهد لها بذلك.
وختامًا: لا يزال الأمر بحاجة إلى مزيد من النقاش الذي نأمل أن يسهم في تبديد القلق، وتوضيح ما يستوجب التوضيح. إن الجامعة السعودية بحاجة إلى نقلة نوعية، تزيدها قوة ورصانة.