خالد بن حمد المالك
عبثًا أحاول أن أفهم ما الذي أفاد إيران من سياساتها في التدخل بشؤون دول المنطقة، غير البؤس، والفقر، والعزلة عن العالم، وحصارها اقتصاديًّا، ووضع كثير من قادتها ومؤسساتها في قائمة التنظيمات الإرهابية؟
* *
صحيح أنها أسهمت بلا حدود في تفشي ظاهرة الإرهاب في دول المنطقة، وكان لها يدٌ طولى في تنظيماته، ولها دور حصري في تأجيج الصراعات في دول المنطقة، وتصعيد الخلافات بينها، وإشغالها بما لا فائدة منه عن العمل بما يسعد شعوبها، لكنها (ذاتها) في المقابل أصبحت الحياة فيها جحيمًا، لا يُحتمل العيش فيها.
* *
هي إيران التي قُتل ذراعها الطويلة في العمل الإرهابي (قاسم سليماني) على أيدي القوات الأمريكية في عملية عسكرية نوعية ردًّا على دوره المتكرر في قيادة العمليات الإرهابية ضد القوات الأمريكية وحلفائها، بما جعل من هذا العمل الأمريكي واحدًا من الدروس التي ينبغي على نظام ولاية الفقيه أن يستفيد منه؛ فلا يكرر تماديه في مواجهة أمريكا، أو يواصل سياسته الإرهابية.
* *
مَن الذي أعطى لسليماني الحق في التنقل بين بيروت وسوريا والعراق؛ ليقود عمليات إرهابية ضد أمريكا وحلفائها، وضد كل معارض للسياسة الإيرانية من اللبنانيين والسوريين والعراقيين، بغطاء من عملاء ووكلاء لإيران في هذه الدول، مستفيدًا من حالة الارتباك وعدم الاستقرار في الدول الثلاث، ووجود عناصر داعمة لسياسة إيران من العملاء الداعمين للسياسة الإيرانية؟
* *
لقد أفاق العالم فَجْر أمس على هذا العمل الأمريكي المبرر. ومن المؤسف أن تكون ساحة الصراع الأمريكي - الإيراني دولة عربية، هي العراق، حيث يتكرر تواجد قاسم سليماني، يمرح ويسرح، ويتصرف بحرية داخل العراق وكأنه في إيران، دون أن يكون هناك صوت عراقي حُرّ في الحكومة، يمنعه من العبث بأمن ومستقبل العراق.
* *
كل ما نتمناه أن تكون هذه الضربة القوية، بدلالاتها وإشاراتها وأهميتها، بداية لطي صفحة الإرهاب في المنطقة، ونهاية لأي دور إيراني مستقبلي في إيذاء جيرانها ودول العالم؛ فقد بلغ السيل الزبى، ولم تعد المنطقة قادرة على أن تتحمل المزيد من العبث الإيراني في أمن واستقرار دول المنطقة والعالم.
* *
على أن التهديدات الإيرانية، بعد صدمتها الموجعة بتصفية رجلها القوي، لا توحي بأن إيران قد استفادت من هذا الدرس البليغ؛ فقد أوحت إشارات تهديدية من المرشد الإيراني بأن طهران سوف تواصل تدخُّلها في دول المنطقة، وممارسة ما كان يقوم به سليماني من أعمال إرهابية، بأن توكلها لرجل آخر، تكون عقيدته كما هو نظام إيران، وكما هو سلوك وممارسات قاسم سليماني قبل تصفيته.
* *
بقي أن نذكِّر الدول والأحزاب والأفراد العرب في لبنان وسوريا والعراق واليمن بأن الرهان على إيران، والاحتماء بها، والقبول بما يوجِّه به النظام الإيراني المضر بشعوب هذه الدول وغيرها، هو رهان خاسر، ولن تحصد منه هذه الدول والمنظمات والأفراد غير المزيد من القتلى، وتأخُّر التنمية، وتعريض المنشآت إلى الدمار، وجعلها ساحة للصراعات، وفي حالة من عدم الاستقرار.. والعاقل مَن اتعظ من تصفية الإرهابي قاسم سليماني.