يوسف المحيميد
منذ أكثر من شهر والمظاهرات الشعبية لا تتوقف في العراق ولبنان ضد الوجود الإيراني، مظاهرات وطنية حرة بعيدة عن الطائفية، وحتى في إيران نفسها، التي يتم فيها قمع المظاهرات الحرة ضد نظام الملالي، وما تعاني منه إيران من تدهور اقتصادي أسهم في كبح جماح التوسع الإيراني في الأوطان العربية، مما جعل إيران تحرك ميليشياتها في المنطقة، خاصة في العراق، لصرف الأنظار عما يحدث في العراق من ثورة شعبية عظيمة، يسير فيها الشيعة بجانب السنة، نحو ساحة التحرير، بل حتى في كربلاء ضد الفساد والنظام الذي تُطبخ قراراته في طهران، فكانت مهاجمة السفارة الأمريكية في بغداد القشة الأخيرة، لتأتي عملية «البرق الأزرق» الأمريكية، التي قتلت قاسم سليماني، العسكري الإيراني الذي يقود الاحتلال الإيراني في الخارج، والذي قتل مئات الآلاف من العرب في العراق وسوريا ولبنان منذ 2006، وحتى ما قبل مقتله، وهو يتنقل ويعبث في لبنان وسوريا والعراق.
ولا شك أن الخلاص من سليماني، وهو الرمز والأيقونة في الحرس الثوري الإيراني، سيحرر أو يقلل من تبعية الحكومات في هذه الدول في صناعة القرار، ويحرر القرار السياسي فيها، ويحق لنا القول إن ما بعد سليماني ليس ما قبله، ولا شك أن موته ضرب السيادة الإيرانية وميليشياتها في مقتل، حتى وإن رددوا بأن مشروع سليماني في المنطقة مازال قائمًا، فهم يستغيثون بأوهامهم وأنفاسهم الأخيرة، وإذا ما صدرت قرارات أممية جديدة ضد طهران، واعتداءاتها، وتهديداتها المستمرة للملاحة البحرية، فإنها ستقضي على ما تبقى من الاقتصاد الإيراني الذي بدأ باستخدام أصوله، لمحاولة تحقيق التوازن، ولا شك أن انهيار الاقتصاد في أي بلد هو ما يقوض الحكومة فيه، كما حدث للشاه في أواخر سبعينات القرن الماضي، وإذا ما حدث أمر شبيه، فهو بالتأكيد خلاص المنطقة من نظام الملالي، وعودة الاستقرار والهدوء لها.