عبد الله باخشوين
لماذا نقول بـ(نهاية الثقافة العربية التقليدية).. التي نشأت منذ بداية عام1920 للميلاد أو نحوها..؟!
ومنذ البداية نقول إن هذا (الطرح) يقتصر على (القصة والرواية والشعر) وما واكبها من طرح نقدي وبحوث ودراسات أكاديمية.. يمكن القول إنها أودعت (رفوف) الأرشيف.
نبدأ أولاً بالقول إن هذه الفنون منذ ازدهارها في مختلف الآداب الإنسانية التي (تلاقحت) وتطورت وازدهرت وأصبحت فاعلة ومؤثرة كـ (الأدب الروسي) مثلاً الذي -ومنذ نحو عام1800- استقى أصوله الجديدة في الفكر والفن والأدب من المدرستين الفرنسية والألمانية.. أو كـ(الأدب الأمريكي) الذي استلهم آفاق (الأدب الإنجليزي) ووضع بصمته في التجديد (النثري) بشكل خاص. وأثر -بدوره- في مسار هذه الفنون في أدب (أمريكا اللاتينية) دون أن ننسى تأثير الأدب الأسباني والفرنسي.. هذه الرحلة الطويلة التي أفرزت القفزة الحاسمة في تطور (الفنون التشكيلة) في الرسم والنحت الذي تجاوز كل معطيات إرثه التاريخي في (عموم أوروبا). أفرزت بدورها تطور الرواية والشعر ولم يتمكن نمو الفكر الماركسي من لجمها بفعل تحولات الفكر الاقتصادي البديل والمفاهيم الديموقراطية ونمو وازدهار مفاهيم (الحرية الفردية) وتعددية الأقطاب في الفكر والممارسة السياسية.
ودون العودة للطرح التاريخي الذي أشبعه الأكاديميون العرب درساً وشرحاً وتحليلاً.. نقول إن الثقافة العربية التي كانت معزولة عن سياق التطور التاريخي للفنون والآداب.. وجدت (نفسها) تدخل مجال (الاطلاع) مع (البعثات) التعليمية (الأولى) وتعود للعرب (جالبة معها) شذرات أو (عينات) ونماذج للإبداع الجديد كالقصة والرواية.. ثم في (الفكر السياسي والأيدلوجيا) التي كان أكبر (نتائجها) تتمثل في (حزب البعث) ومن قبله (الفكر الديني) كوليد للفكر ( الرأسمالي النازي) المعادي لـ(الماركسية واليهود) قبل أن يأتي (تجديد الشعر) كحصيلة لكل هذا.. ويظل يدور في فلك أطروحات الفكر السياسي ويستلهم كل (الأحداث) التي مرت بالحياة العربية.. ولم يخرج من هذة الدائرة منذ بدر شاكر السياب في شعر (التفعيلة) وأدونيس وأنسى الحاج في قصيدة النثر ونثر فوزية أبو خالد في كتاب (قراءة في السر للصمت العربي/اشهد الوطن) وصولاً لشعر المقاومة وكل الإنتاج الفني والإبداعي بـ(هواجسه في طقس الوطن).
ونترك للنقاد الأفاضل الذين واكبوا مختلف مراحل التطور في القول والبحث والتعليق على القول.. ليفصلوا الشرح في كل هذا الإرث الذي يعرفونه درساً وتحليلاً.
لنعود ونسأل:
- أين ذهب كل هذا.. وما الذي بقي منه الآن وما مدى تواصل الأجيال الجديدة مع أطروحات قصائده العصماء منذ محمود درويش إلى محمد جبر الحربي..؟!
ما تبقى من قول اختصره عهد سلمان بن عبدالعزيز رائد تحديث الدولة السعودية.. الذي أوكل لولي عهده زين شباب العالم مهمة رسم خارطة أولويات التحديث.. التي وصلت أخيراً إلى (الثقافة) وفق رؤية جديدة تطمح للتفاعل مع العالم والاندماج في منجزاته وتحقيق هذا التفاعل بالمشاركة الفعلية في مسيرة التطور الإنساني بهدف دمج الإنسان السعودي فيه بفعل حيوي وتأثير إيجابي.. وها هو ذا وزير الثقافة الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان.. يعلن أن الثقافة السعودية أصبحت على موعد مع ميلاد جديد فبعد مضي نحو سبعين عاماً على ابتعاث الفنان طارق عبد الحكيم لدراسة (الموسيقى).. ها هو ذا يعلن عن إطلاق أول برنامج للابتعاث الثقافي في تاريخ المملكة.. كأنما ليفي بوعد ولي العهد زين شباب العالم الذي أكد فيه أن شباب المملكة العربية السعودية.. موعده حان لدخول العصر الحديث من أوسع أبواب المعرفة والتلاحم الإنساني.