يوسف بن محمد العتيق
هل تعلم عزيزي القارئ الكريم أن ابن سيار الوراق من مثقفي القرن الرابع الهجري (أي قبل ألف سنة) ألف كتابا عن الطبخ أسماه (الطبيخ) وتحدث فيه عن طريقة طبخ أروع الأكلات والتي تقدم للخلفاء والملوك والأعيان والوجهاء في تلك الفترة، وتحدث عن كل أنواع الطبخ بدءا بالأكل الدسم الثقيل، ولم يتوقف عند أنواع الحلوى!!
وهل تعلم أنه تحدث عن أدق تفاصيل الطبخ والتي قد تغيب عن بال الكثير من الطباخين اليوم.
خذ مثالا على ذلك: يرى ابن سيار في كتابه أن السكين التي يقطع بها اللحم، يجب أن تختلف عن السكين التي يقطع بها الخضار لأن ذلك يؤثر في طعم الأكل!!
تخيلوا كيف وصل إلى هذه الدرجة من الدقة والمهنية، وبالدرجة نفسها من الدقة والمهنية تحدث ابن سيار الوراق في كتابه، وفي أبواب متعددة بتفاصيل كبيرة في طريقة الطبخ تؤثر على جودة الأكل بشكل كبير ومثير، وهو ما نعبر عنه في يومنا هذا بكلمة (نفس الطباخ) أي أن له نفسا في الطبخ يختلف عن غيره ولو طبخ نفس الطبخ بالمقادير نفسها، لكن الطباخ صاحب النفس تعرف أكله بفرق كبير بينه وبين غيره.
أقول هذا الكلام، وأنا أستحضر مجموعة من الشباب المبدعين الذين تفننوا في الفترة الأخيرة في تقديم الأكلات الشعبية والتراثية بطريقة تذكرنا بجيل الكبار من الذين خدموا الثقافة العربية بكتب في فنون الطبخ، ومن باب الشكر والتقدير لهؤلاء فإن أقل الواجب ذكرهم وتشجيعهم، وقد أكون مقصرا في معرفتهم كلهم لكن أذكر شبابا لدينا امتازوا في تقديم ثقافة الطعام، ومنهم (مع حفظ الألقاب): دهران، وقد أبدع في تقديم بعض الموهوبين في الطبخ، تهيئة الدعم لهم، والأساتذة: القنيصي عبدالعزيز المطوع، أبو عمر أبو عبدالله من الطائف، هشام باعشن، وضاح، أسامة القصار، مشعل هايف، أبو جازي، باسل الحج وغيرهم....
وهؤلاء المذكورين - بالمناسبة - ليسوا من السعودية فقط، بل من بعض دول الخليج ودول عربية أيضا، والكل لهم جهود تذكر فتشكر في هذا المجال.
وهنا كلمة شكر يجب أن تقال في حقهم فهم على تواصل مع جمعيات حفظ النعمة لعدم الوقوع في الإسراف والتبذير الذي لا يرضاه دين ولا عقل ولا فطرة سليمة.
وشكر آخر للزميلين الأستاذين مشهور الحمياني ومحمد الحسين، اللذان لهم الدور الأبرز في خروج هذا المقال، وتوجيهي إلى هذه الكوكبة من الشباب.