د. صالح بكر الطيار
استوقفتني مقولة «كلما انهزمت نفسي من الحياة، عقدتُ معها صلحاً جديداً، واتفقنا على يقين أن العوض الجميل من الله مبهر دائماً.. ولن يشعر بلذة هذا العوض شخصٌ قانط من رحمة الله).
علمتني الحياة أن المواقف هي من تظهر معادن الآخرين وتكشف أصحاب الأقنعة الزائفة والوجوه المتقلبة وهي المحك الأساسي الذي نعرف من خلاله الأصدقاء الصادقين والآخرين من أصحاب المصالح المبنية على الصداقات المؤقتة.
وتعلمت أنه عندما تبني إنجازا معينا فإن الآخرين إما فرحين لك وأما شامتين وتكشف لك الحياة شخصيات متعددة في ظل إنجازاتك أو حتى ظروفك فهنالك أعداء النجاح من القريب والبعيد الغيورين من نجاح أو سعادة الآخرين ويسعون لوضع العثرات أمامهم وتشويه سمعتهم لمحاولة النيل من نجاحاتهم وتفوقهم ومقدراتهم.
ولكن الإيمان بالله وبقوته ينتصر الإنسان على أولئك الحاقدين الحاسدين من محدثي النعمة المتظاهرين بالغناء الفاحش وهم مثقلون بالديون والالتزامات تجاه الغير أعانهم الله على حياتهم.
في عقود مضت أظهرت لي الحياة فوائد متعددة وجنيت من مواقفها المختلفة تجارب كثيرة في معرفة أصناف البشر وأن هنالك من يهنئك ويفرح لك وهو في الأصل مجرد حاقد صامت وهنالك ممن لا تربطك به صداقة أو علاقة وثيقة تجده من أكثر الناس فرحاً بما أتاك الله بنية صادقة وقلب نقي.. لذلك تبقى الحياة مدرسة كبيرة نجني من فصولها التجارب المختلفة وتتساقط فيها العديد من الشخصيات كأوراق الخريف بعد أن كشفت المواقف قلوبهم وأماطت الدروس اللثام من على وجوههم المتخفية وراء الحسد والحقد والغيرة والشماتة.
ومن المصائب والكوارث أن تجد أن الحاسدين من أقرب المحيطات إليك هنا تجد الغرابة وتأتيك الصدمات ولكن القول النافع الشافع في قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ} (البقرة 204) صدق الله العظيم. هذه الآية كفيلة بالإجابة على كل التساؤلات التي تخفيها النفس أو تعلنها عن الحياة وتجاربها والأشخاص الذي مروا عليك في كل الدروب ما بين من ينفعك ويفرح لك وبين من يؤذيك ويحسدك ويحقد عليك.فالجبال لاتهزها الرياح العابرة أيا كانت شدتها.