فضل بن سعد البوعينين
تسعى وزارة العدل جاهدة لمعالجة أزمة ازدواج الصكوك وتداخل الملكيات وبعض التحديات المؤثرة في موثوقية الصكوك الصادرة عن كتابات العادل من خلال التحول الإلكتروني والتقنية التي باتت علاجًا فاعلاً لكثير من المشكلات. ومن الجهود المبذولة إصدار الصكوك الإلكترونية وتحديث القديم منها وتطبيق تشريعات جديدة للتعامل مع حجج الاستحكام. إقرار اتفاقية إثبات الهوية العقارية بين وزارتي العدل، والبلديات المعنية بإصدار رقم الهوية العقارية من الأدوات المهمة الضامنة لعدم حدوث الازدواجية في الصكوك أو تداخل الملكيات.
وبالرغم من أهمية التحول الرقمي والبرامج الجديدة الرامية لتحقيق موثوقية الصكوك، إلا أنها لم تعالج المشكلات القائمة التي تسببت في تعطيل كثير من الصكوك الصادرة من كتابات العدل. تختلف تلك المشكلات بحسب طبيعتها، فمنها ما ارتبط بالمخالفات التنظيمية، ومنها ما كان على علاقة بقضايا فساد أدت إلى الاستيلاء على الأراضي الحكومية، أو إساءة تنفيذ أوامر المنح القديمة. الأكيد أن آلية المعالجة ستختلف من مسار إلى آخر اعتماد على نوعية المخالفات، إلا أن إطالة أمد البت في القضايا أو تعليق الصكوك أو إلغاءها دون النظر في من تسبب بها، وتحميلها المشتري النهائي، لا يخلو من الظلم الذي طال المشتري النزيه، دون التعرض إلى من تسبب في المشكلة الأساسية، ومنهم الجهات الرسمية ككتابة العدل والبلديات اللتين تتحملان مسؤولية الصكوك الموقوفة بغالبية تفاصيلها ومسبباتها.
يعجب المرء حين يتمكن المزورون وسراق الأراضي من استخراج حجج استحكام لملايين الأمتار، ولا يجدون صعوبة في بيعها وتداولها وإفراغها، في الوقت الذي يعجز فيه مواطن بسيط عن التصرف في أراضه الصغيرة التي اشتراها بحر ماله، والمتوافقة، دقة ونزاهة، مع متطلبات السجلات العدلية. بعض كُتاب العدل يتعمدون التضييق على المواطنين تحت ذريعة التحقق من الصكوك، وإن كانت مستوفية أركان التوثيق العدلي، النزاهة، والمصداقية، أو متوافقة مع الأوامر السامية التي أصدرت لمعالجة بعض الأخطاء التنظيمية في البلديات. مثل هذه الأمور قد تتسبب في قضايا فساد متنوعة، فتعليق الصكوك دون البت فيها وإنهائها شرعًا، يدفع ملاكها للالتفاف عليها وإيجاد طرق بديلة لإفراغها، ما يعني نقل المشكلة من مواطن إلى آخر، كل جريرته أن وثق بالصكوك الصادرة من كتابات العدل.
يُعتقد أن الصكوك الموقوفة تواجه بمعضلتين رئيستين، الأولى مرتبطة بقضايا فساد، وما زالت في يد الفاسدين، وأمرها واضح ولا يحتاج إلى إطالة أمد، وهو سحب الأراض وإعادتها لملكية الدولة ومحاسبة الفاسدين. والثاني مرتبط بأخطاء تنظيمية أو منح مر عليها أكثر من 40 عامًا، أو مخططات اعتمدتها البلديات ووثقتها كتابات العدل، وتم تداول أراضيها بصفة شرعية ووفق صكوك عدلية، ما يستوجب النظر في الأضرار التي ستقع على المواطنين المشترين بحسن نية وتأييد من كتابات العدل، وإقرارها رسميًا.
وقف الإفراغ، وتعليق الصكوك وإطالة أمد القضايا بصورته المطبقة حاليًا، يعني معاقبة جميع المواطنين الأبرياء بجريرة الأشقياء. قال تعالى: {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}، ووزر الصكوك التي يتم مراجعتها يجب أن تتحمله وزارتي العدل، والشؤون البلدية والقروية، وسُرَّاق الأراض الحكومية، لا المواطنين الأبرياء الذين وثقوا بالصكوك الشرعية والمؤسسة العدلية.