د. محمد عبدالله العوين
أثبتت سياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بما لا يدع مجالاً للشك منذ أن جلس على كرسي الرئاسة أنه جاد في الانقلاب على المسار السياسي المتهور المجنون الذي اختطه وسار عليه سلفك الرئيسان أوباما وبوش الابن، ذلك المسار الذي أدخل المنطقة العربية في حالة من الفوضى والارتباك، ودمَّر وهجَّر وتسبب في إحداث مآس وآلام في أربعة بلدان عربية وخلق البيئة المناسبة لتكوين الجماعات الإرهابية، ومكَّن عصابة الملالي من التغول والتمدد في العراق وسوريا ولبنان واليمن، وأوجد حالة من الريبة والقلق عند الشعوب العربية قاطبة في التعامل مع القوى الغربية، وكأن هذا الوضع السيئ قد استدعى إلى الذاكرة - مع الأسف - الصراع الديني والحضاري القديم بين العرب والإفرنج، أو بين الإسلام والنصرانية، في كرات ومرات متعددة من الانتقام والثأر المؤسف بما صورته الحروب الصليبية التي امتدت قرنين من الزمان، أو ما تمثل في العصر الحديث من انتقام آخر من العرب والمسلمين بما نال بلدانهم من تفتيت وتقسيم واحتلال فيما عُرف بمعاهدة سايكس - بيكو 1916م على إثر تهالك الدولة العثمانية التي كانت تهيمن على المنطقة العربية والعالم الإسلامي.
لقد كنت - يا فخامة الرئيس - جادًا في الانتقال من مرحلة عصيبة أدق ما يمكن أن توصف بأنها كانت صورة من صور (صدام الحضارات) واستخدمت فيها أدوات مستفيدة من الخلل والأخطاء والضعف وتهور بعض القيادات العربية في قرارات حمقاء؛ كقرار صدام غزو الكويت؛ ومن تلك الأدوات الفرس، والجماعات الأيدلوجية كالإخوان والجماعات التكفيرية المتطرفة كالقاعدة وداعش، وهما من تفريخ الأم (الإخوان) والميليشيات الإرهابية المتفرخة من الأم (إيران) كحزب الدعوة وحزب الله والحشد الشعبي.
أرأيت كيف أن الموقف الأمريكي السابق قد ارتكب جريمة لا يمكن أن يمحوها التاريخ في حق المنطقة كلها؛ وبخاصة العرب؟ أرأيت كيف أن الجماعات اليمينية المتطرفة التي كانت تتحكم بالقرار قي البيت الأبيض في ثلاث فترات حكم سابقة قد أدخلت العالم كله في حالة من عدم الرعب وعدم الاطمئنان وانتظار حدوث كارثة في أي لحظة من جماعة إرهابية في أي عاصمة من عواصم العالم؛ لا في العالم العربي فحسب.
ها أنت - فخامة الرئيس - تتخذ القرار الصائب بإعادة الأمور إلى مجاريها والأخذ على يد الظالم وردعه وتمزيق خطة الفوضى الخلاقة وإثبات فشل تقسيم دول المنطقة كما كان يحلم اليمينيون وينتظر الطامعون (إيران والإخوان والشعوبيون) نصيبهم من الكعكة الموعودة بعد التفتيت.
ها أنت بالحصار الاقتصادي تدخل إيران ولبنان في وضع اقتصادي صعب، تقفل معه بنوك وتنتفض بسببه شوارع وميادين في طهران وقم ومشهد وشيراز وبيروت وطرابلس وبعلبك!
وها أنت اليوم بصاروخك تنتقم لملايين الثكالى والمشردين، وتكتب الفصل الأخير المميت من تاريخ الألم والموت والبؤس في عمائم إيران النخرة.