د. محمد عبدالله الخازم
صدر قرار برنامج الابتعاث الثقافي الجديد ونبارك لسمو وزير الثقافة والقائمين على البرنامج هذه الخطوة الجميلة. إعلان البرنامج نص على أنه سيكون في تخصصات الموسيقى، المسرح، الفنون البصرية، صناعة الأفلام، الآداب، الآثار، الطهي، التصميم، العمارة. وسيكون لمراحل البكالوريوس، الماجستير، والدكتوراه. رغم أنه لم تعلن التفاصيل، أطرح وجهة نظر أرجو أخذها في الاعتبار، من واقع خبرة في مجال التدريب والابتعاث.
ماهو المستوى الذي نريده بشكل عاجل في تلك التخصصات؟
سأجيب بمثال توضيحي لوجهة النظر التي أريد إيصالها. لو أخذنا الآثار كمثال، فلدينا قسم أو أقسام آثار تخرج حملة بكالوريوس لكننا لا نراهم فاعلين في المتاحف وفي التنقيب عن الآثار ويتجهون لأعمال إدارية ومكتبية وتعليمية، لماذا؟ ببساطة لأن تأهيلهم نظري بينما حاجتنا أكبر إلى فنيين أو تقنيين يعملون في الميدان. إذا لماذا نبعث لمرحلة البكالوريوس ليأتينا مزيداً من النظريين؟
ما أريد اقتراحه هو أن تركيز برنامج الابتعاث الثقافي على مستوى أقل من البكالوريوس، أو ما يصنف بالمستوى الفني والتقني. تحديداً؛ أرى بأن المرحلة تحتاج فنيين وتقنيين في مجالات الآثار والمتاحف والطهي والفنون البصرية وصناعة الأفلام وغيرها حتى نكون قواعد جيدة وكافية من المهرة المميزين وليس فقط قادة وإداريين لنعود الاستعانة بالفنيين والمهرة من الخارج. بالنسبة لحملة البكالوريس يمكننا تأهيلهم في تخصصات ذات علاقة عن طريق التدريب التقني بالاتفاق مع جهات تدريبية في الخارج، تدريب لمدة عام مثلاً يتبع الحصول على اللغة. العمل في صناعة الأفلام والآثار والمتاحف والطهي وبقية التخصصات ومكوناتها وتفريعاتها يقوم على مهرة فنيين والتأهيل التقني والفني سيتيح لهم بشكل أكبر وظائف مستقبلية في القطاع الخاص والحكومي. ليس فقط في المملكة؛ حتى في دول متقدمة مثل شمال أمريكا تلك التخصصات عندما تدرس على مستوى مرحلة كليات المجتمع أو كليات التقنية أو ما يعادلها (دون المستوى الجامعي) تضمن وظائف أسرع لخريجيها وعليها طلب أكثر من خريجي بعض تخصصات الجامعات.
عندما نبتعث طالباً لمرحلة درجة تقنية (درجة جامعية مشاركة أو كلية مجتمع) فنحن نتيح له التدرب مباشرة في المهنة أو المجال الذي يحبه وليس هناك ما يمنع أن نمنح المتميز (وفق ضوابط يتم تحديدها) إكمال دراسة البكالوريوس أو الدراسات العليا. هنا سنبعث أعداداً أكبر ونحصل على قاعدة أكبر وسيتاح للمتميز فقط أن يكمل تعليمه لمرحلة أعلى. لعلنا هنا نصنع مفهوماً جديداً للابتعاث الذي يخدم احتياجاتنا الراهنة بالبدء من القاعدة وليس قمة الهرم. لا نريد مجرد تكرار ما نفعله طيلة عقود من الابتعاث للمراحل الأكاديمية التقليدية دون فهم ماذا نريد؟ ومتى نريد الخريج؟ وكيف نستفيد من الموارد المتاحة للابتعاث بشكل أفضل؟
أخيراً؛ أرجو أن يكون هناك وضوح أمام المبتعثين بأن تأهيلهم لا يضمن لهم الوظائف الحكومية، فأغلب مهام الثقافة والترفيه يديرها القطاع الأهلي وعليهم المنافسة للحصول على وظائفه. لا نريد تكرار تجارب عاد منها المبتعث يشتكي بأن الحكومة لم توظفه...
أكرر تقديري لفكرة برنامج الابتعاث الثقافي وكل ما يصب في تأهيل الكوادر الشابة في المجالات التوظيفية الحديثة بالمملكة.