د. أحمد الفراج
بعد أن استهدف الجيش الأمريكي رأس الإرهاب الأكبر، قاسم سليماني، انقسم العالم إلى فسطاطين، فهناك من انحاز إلى الحق والعدل، وفرح بخلاص العالم من الجنرال، الذي أسهم بقتل عدد كبير من الأبرياء، في العراق ولبنان واليمن، وداخل بلده إيران، أما ما فعله في سوريا من قتل وتهجير فيحتاج لبحر من مداد، وهناك من شجب واستنكر، ولئن كان مفهومًا أن ينحاز معظم ساسة العراق إلى إيران، ويشجبون مقتل من عبث بأرض العراق وقتل مواطنيه، بحكم أن إيران هي من يحكم العراق فعليًا، إلا أن بعض المواقف التي انحازت لإيران وشجبت مقتل سليماني أثارت الكثير من الغضب والعجب، مثل موقف حركة حماس، التي بالغت في رثاء قاتل إخوانهم العرب، وذهبت بعيدًا في ذلك، ووصفت الهالك بأنه من أهم مناصري قضية فلسطين، هكذا بلا حياء وبلا خجل، وكأن سليماني لم يهندس قتل الفلسطينيين أنفسهم في معسكر اليرموك، وتتلطخ يديه بدماء الشيوخ والأطفال والنساء في سوريا والعراق واليمن ولبنان.
وبقدر الغضب العربي الكبير من موقف حماس، بما في ذلك موقف كثير من أنصارهم الإسلامويين، الذين لم يكن غضبهم كرهًا لحماس أو فرحًا بمقتل سليماني، بقدر ما هو إدراك منهم بأن الحركة خسرت دعمها الشعبي بشكل لم يسبق له مثيل، فهذا الموقف المتعاطف والمخزي من قاتل العرب والفلسطينيين لا يمكن أن تنساه الذاكرة العربية والإسلامية، ويبين بجلاء ووضوح أن حماس حركة سياسية عميلة، تخدم كل شيء إلا قضية فلسطين، ولا أنكر أنني لم أكن أتوقع أن تنزلق حماس إلى درك أسفل من تأييدها لبشار الأسد، ولكنني كنت مخطئًا، وبالفعل فإن الانزلاق في وحل العمالة والخيانة ليس له حد، وبات واضحًا أن حماس ذراع لحكومة الملالي في طهران، ومستعدة أن تنفذ أجنداتها، حتى ولو كانت ضد غزة وأهلها، ولئن كان مقتل سليماني أمرًا مهمًا لأمن العالم واستقراره، فإن تعرّي حركة حماس وانكشاف حقيقتها أمر أكثر أهمية، ولو لم يأت من تداعيات مقتل سليماني إلا هذه لكفى!.