محمد المنيف
مر بالفن التشكيلي مراحل عدة منها الاهتمام الكبير بجانب التشجيع وتحفيز المبدعين من خلال الجوائز التي تمنح في المسابقات، مروراً بإقامة المعارض الجماعية والفردية للفنانين وصولاً إلى مرحلة النضج التي يمثلها أساليب الفنانين وتجاربهم وخبراتهم التي حققوا بها ريادة التأسيس والحضور المحلي أو الدولي تمثيلاً للمملكة في هذا المجال مع مثيلات في العالمين العربي والغربي.
هذه الوقفات أو ما يمكن أن نسميها مراحل تخللها تواصل في المشاركات والمنافسات لم يعد هناك بسبب تدافعها قدرة على تحديد الأجيال واستغني عنها بتسمية المراحل ولم يكن هناك فواصل أو مسافات بين جيل وآخر أو أسماء وأخرى، بل أصبحت الساحة تعج بالمواهب الناشئة مع الأسماء السابقة وقربت المسافة بين المتميزين منهم، ما جعل الساحة في حراك غير منظم إلا بما يقدم من فعاليات دون توثيق أو رصد أو إعداد بيانات فتشتت الواقع وضاع الكثير من الأعمال وغاب الأكثر من التشكيليين فلم يتبق من الأوائل إلا القلة، عوضت الساحة بمن جاء بعدهم من المبدعين المؤهلين تعليماً أو ممن يمارس واكتسب الخبرة ممن وضع له موقع قدم في مسيرة هذا الفن.
كل ذلك بسلبياته وإيجابياته افتقد فيه الاتجاه الذي يجب أن يسير عليه إليه هذا الفن ليكون متوازناً بين التجارب الناجحة وبين كثافة المعارض التي قليلها يذكر وغالبيتها ذابت مع النسيان، ما يعني الحاجة لتنظيم يلم الشمل ويبني قاعدة صلبة لمستقبل الفن وهذا ما يستشرف وينتظر من وزارة الثقافة أو معهد مسك، وأخص بمقالي هذا (المعهد) نتيجة ما بدا يظهر للعلن من اهتمام مدروس بالفن التشكيلي وبتوثيقه شهد على ذلك معرض (حكاية مكان) الذي جمع فيه أعمال لمراحل الفن التشكيلي الأولى أو اللاحقة، مع جديد الأجيال الشابة المتميزة التي ستكمل المسيرة.
نعم فمعهد مسك يسعى بجهد كبير لبلورة الواقع بدءًا من لم شمل التشكيليين وإعادة علاقاتهم ببعضهم البعض كما شوهد في فعاليات وملتقيات أسعدت الكثير مع ما يعد له من جمع المعلومات وتوثيقها وبناء قاعدة بيانات لتصبح مرجعاً يعتد به يضمن للمستقبل انطلاقة واثقة الخطى.