خالد بن حمد المالك
أرسل مجلس النواب الأمريكي رسائل خاطئة إلى إيران باعتراضه على قرار الرئيس ترامب بتصفية رجل الإرهاب الأول في العالم الإيراني قاسم سليمان؛ فالتنديد بالإجراء الأمريكي، وتخطئة تصرف البيت الأبيض، قد تفهمهما إيران على أنهما دعم لها في مواجهة الموقف الأمريكي الرسمي الصلب ضد سلوكها الإرهابي، وتآمرها على أمريكا ودول المنطقة.
* *
العقلاء، وليس بينهم قادة إيران، يفهمون أن موقف مجلس النواب له علاقة بانتخابات الرئاسة الأمريكية القادمة، وكذا الانتخابات لممثلين في الحزبين الجمهوري والديمقراطي في مجلسَي النواب والشيوخ، غير أن اعتراض مجلس النواب لن يكون ذا قيمة؛ طالما أن الجمهوريين يتمتعون بأكثرية الأصوات في مجلس الشيوخ، لكن وحدة الموقف الأمريكي مهمة وضرورية أمام إرهاب إيران، وهذا ماتمنينا أن تلتزم به رئيسة وأعضاء مجلس النواب.
* *
صحيح أن إيران لا تحتاج إلى دعم ولو معنوي من مجلس النواب الأمريكي في تنفيذ مؤامراتها ضد الغير؛ فهي تتصرف كدولة متمردة، ولا تلتزم بالأعراف الدولية، ولا تقيم وزنًا لأي اعتراض لسياستها، والوحيد الذي قزّمها وأخافها هو موقف الرئيس الأمريكي الصارم منها، سواء من خلال العقوبات والحصار، أو بتمزيقه اتفاق مفاعل إيران النووي، أو بقيامه أخيرًا بتصفية رجل إيران الأول في الإرهاب.
* *
وما لم يستمر التعامل بالقوة مع هذا النظام الإيراني المجرم، فإن هذه الدولة المريضة سوف تواصل عملياتها الإرهابية، وتدخُّلها في شؤون الدول، وبناء كيانات ومنظمات وأحزاب في دول المنطقة، تكون تابعة لها؛ لإثارة الصراع والخلاف بين شعوبها لصالح أهداف إيرانية توسعية، لن تتحقق طالما وُوجِهت بالقوة والحزم والتخطيط لإفشالها.
* *
نحن نؤمن بحسن الجوار، وأن الحوار مطلوب في أي مشكلة تكون موضع تجاذب أو تباين في وجهات النظر بين الدول، وهي سياسة العقلاء للوصول إلى حلول مرضية، ومرة أخرى إيران ليست من هؤلاء؛ لأنها لا تؤمن ولا تجيد إلا صناعة المؤامرات والخداع والموت، والنظرة التوسعية باتجاه حلم إقامة الدولة الفارسية التي لن تتكرر وإن ساندها إعلام موبوء بحفنة من المرتزقة، إيرانيين وعربًا.
* *
مرة أخرى، وللتذكير، فإن موقف مجلس النواب الأمريكي من تصفية المجرم قاسم سليماني إنما هو موقف متخاذل، ويشجِّع إيران على التهور، وتنظيم ما يكرِّس سياساتها العدوانية ضد أمريكا ودول المنطقة؛ ما يعني أن هناك أدوات وأساليب أخرى أمام مجلس النواب للمنافسة على الانتخابات في أمريكا بين الحزبَيْن الرئيسَيْن، دون أن تكون إيران منها أو طرفًا فيها.
* *
لقد جاء الرد الإيراني على مقتل قاسم سليماني ضعيفًا، ومستسلمًا، ولا يعبِّر عن تصريحات المسؤولين في إيران، ولا يتناسب مع حجم الضجيج الإعلامي الإيراني، أو المدعوم منها، أو من المتعاطف والمتعاون معها؛ وهذا يُظهر أن القوة العسكرية الإيرانية إنما هي من ورق، وأن إيران لا تملك من القوة إلا ما كان في الاعتماد على وكلائها من الميليشيات في دول المنطقة؛ بدليل تآمرها القذر الذي يتم بواسطتهم ضد أمن واستقرار دولنا وشعوبنا؛ وعلينا أمام هذه الحقائق عدم إعطاء طهران أكثر من حجمها؛ فهي الآن في أضعف سنواتها، اقتصاديًّا وعسكريًّا وسياسيًّا، وإن تظاهرت بغير ذلك.