فهد بن جليد
في علم العلاقات العامة لا تنتظر حتى يروي أحد القصة نيابة عنك؟ تحدَّث أنت أولاً عندما يقع حادث أو أزمة في منظمتك أو شركتك، فقط تحلَّ بالشجاعة والثقة، وتصرف بمهنية. كُنْ واضحًا، وعِدْ بالمزيد من التفاصيل.. ساعد في تدفق المعلومات تدريجيًّا لوسائل الإعلام، وعبر منصات التواصل المناسبة للجمهور الذي تستهدفه.. أجب عن الأسئلة بشكل مباشر، وعندما لا تملك المعلومة قُلْ ببساطة إنك تبحث عنها. تذكر أنه يجب أن تكون حاضرًا طوال الوقت، ولا تغب؛ حتى لا تثار الإشاعات، وتكثر الأقاويل. أعدك إن التزمت بالمعايير السابقة بأن تخرج بأقل الخسائر المتوقعة. هناك عشرات الحوادث التي يمكن أن تُروى حول العالم لما فيها من دروس وعِبَر مستفادة في علم (الإعلام والعلاقات العامة)، أهمها أن الغائب عن المشهد في أزمته هو الخاسر.
التواصل الفعّال من أهم صفات المتحدث الرسمي لأي جهة لبناء صورة إيجابية، والتصرف بحكمة ورشد في وقت الأزمات؛ وهو ما يحمِّل الإدارة العليا مسؤولية اختياره أو اتخاذ قرار بتغييره في الوقت المناسب. لاحظ أننا نتحدث عن الأزمات والعواصف التي تحتاج لخطط وقوالب علاقات عامة ورقمية مسبقة وجاهزة، إضافة لسيناريوهات محتملة، فكيف تبدو الأمور في أيامك العادية؟ لنتحدث بشفافية وصراحة عن حال المتحدثين الرسميين الذين يحاول بعضهم إتقان (فن الغياب) اعتقادًا بأن ذاكرة الجمهور مخرومة، وأن الوقت كفيلٌ بنسيان أي أمر تبعًا لقاعدة (من لا يتحدث لا يخطئ)، ولوم الغياب أفضل بكثير من سياط وعقوبة الرد والتصريح الذي لا يعجب ولا يروق للرئيس. شخصيًّا لا أعتقد أن تلك فكرة حسنة في عصر (الرقمنة الصحفية) إن جاز لنا التعبير، التي تسابق فيها هواتف الجمهور عدسات المصورين وكاميراتهم، ولربما كان تجاهل الإجابة عن سؤال عابر من شخص بسيط، أو التساهل في ذلك، مدعاة للتأثير سلبًا على الصور النمطية للمنظمة وسمعتها.
المعلومة تبقى حقًّا أصيلاً للعملاء والمستفيدين من الخدمات، وهم يستحقون الحصول عليها بوضوح وشفافية عبر وسائل ومنصات الإعلام والتواصل، ولا يجوز إخفاؤها أو محاولة التذاكي على جمهورك. اسأل نفسك في خضم الأحداث المتسارعة والمتعاقبة: كم ليلةً بحثت فيها عن تصريح أو إجابة لمتحدث (جهة ما) ولم تجده؟ وكيف تشكلت الصورة في ذهنك؟ ومن أين حصلت على الأخبار والمعلومات؟ رؤساء المنظمات يدفعون ثمن اختيارهم الخاطئ في (الليالي الحالكة) التي يهرب ويختفي فيها المخولون بالإدلاء بالمعلومات ودحض الشائعات، في عصر ازدهار الأخبار المخلوقة والمغلوطة.
وعلى دروب الخير نلتقي.