فيصل خالد الخديدي
تزخر الثقافة المحلية بالعديد من المقولات والأمثال والحكم الشعبية التي تختزل تجربة إنسانية في تعبير تصويري لحالة أو موقف وتقدمها في بضع كلمات، ومن المقولات الدارجة والتي تُطلق تهكماً على عدم المعرفة وقلة الحيلة (ما عندك ما عند جدتي...)، ولأن الفنان يتعاطى مع الموجودات بطريقة مختلفة فقد كانت نظرة الفنان سعود محجوب لهذا المقولة المألوفة بطريقة تخصه وغير مألوفة، حيث يرى أنها تحمل مستويين من الفهم، إما أن تقال لمن لا يملك شيئًا من المعرفة أسوة بجهل الجدة، وهذا مستوى يرفضه ولا يعتد به، والمستوى الثاني أن الإنسان الذي قيلت له المقولة يملك من المعرفة الكثير التي تصل لدرجة معرفة الجدة الخارقة التي تعرف كل شيء في كل زمان ومكان، وهو ما تبناه الفنان سعود محجوب بنظرة إيجابية وتعاطٍ مختلف لهذه المقولة في مجموعة أعمال يقول عنها إنها «اسكتشات»، وبينما هي مشروع فني مكتمل أركان الإبداع، جعل الجدة فيه شخصية خارقة ابتكر لها ملامحها المميزة وقوتها الخارقة التي تكون في كل عمل محور القصة وأساس العمل، فجعل منها أسطورة حاضرة في القضايا الإنسانية عبر العصور، شاركت في بناء الأهرام وأنقذت الإنسانية من أزمات عديدة، تمارس الحياة اليومية بجميع تفاصيلها مستقبليها وتاريخيها، كل ذلك وأكثر قدمه الفنان سعود محجوب في أكثر من ثلاثين عملاً يستعد لإطلاقها في مشروع فني أكثر منه معرضًا أسماه (ما عندك ما عند جدتي)، الفنان الفوتوغرافي سعود محجوب فنان شامل تألق في أكثر من شكل من أشكال الفنون، قدَّم منتجه الفوتوغرافي متكئاً على فكر وقضية، وكذلك أعماله التشكيلية أنجزها بفكر متقد وقضايا الإنسان حاضرة بمعالجة مختلفة تتسم بالبساطة والعمق والاهتمام بالمفهوم وتوظيفه بشكل مختلف عن غيره، يعكف أيضاً على مشروع فني آخر أسماه (بيت السراديبي) والذي يستمد إحداث رسوماته من قصة شعبية أسطورية يقدمها برؤية مختلفة من خلال رسوماته اليدوية البسيطة والعميقة لهذه القصة...
سعود محجوب في مشاريعه الفنية هذه قدم درساً مهماً لفناني الساحة المحلية بأن المواضيع الفنية متاحة للجميع وليست حكراً على رسم خيول أو حروفيات وإنما الفكر الإنساني كله مفتوح لأن يكون محتوى مهمًا وواقعيًا للأعمال الفنية يحمل التفرد والأصالة والخصوصية.