فهد بن جليد
كلَّما قام (مُفلس) من مشاهير التواصل الاجتماعي بتصرف أرعن وغبي عبر حسابه، فهمتُ أنَّ ذلك بسبب انخفاض المشاهدات لديه، وشعوره بخطر تبخر (وهم الشهرة) الذي يقف على كف عفريت، ودية ذلك (الاعتذار والتميلح من جديد) وانتهى الأمر، نحن أمام (منعطف مهم) في تجربة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، أدعو فيه لتطبيق النظام بحزم في وجه كل من يُحاول كسب مزيد من الشهرة على حساب إثارة الشك وإصدار الاتهامات والقفز على عادات وتقاليد المجتمع، بالتنطع بالآراء الشاذة والنظرة الضيقة والتصرفات الخرقاء، التي لها انعكاس سلبي على حياتنا وتخالف خطوات التطور الذي نشهده.
لنضرب لذلك مثالاً بإثارة قضية (الاختلاط في العمل)، رأي أرعن أطلقه صاحبه دون تأهيل علمي أو أكاديمي أو أي دراسة منهجية، مُجرَّد أهواء ونزوات وحب التصدر، والتعلق بوهم الشهرة والتأثير، نتيجة استمرار دعوة أمثال هؤلاء (الفارغين) لتغطية المناسبات والإعلان والتسويق عبر حساباتهم الخالية فكراً ومحتوى، تحت اسم مؤثرين، وقد سبق أن كتبت هنا في 1 يناير 2019 مقالاً بعنوان (مشاهير السوشيال ميديا: مؤثرون أم موصلون؟)، وضَّحتُ فيه كيف أنَّ هؤلاء غير مؤثرين إطلاقاً، هم فقط موصلين، واليوم ظهور مثل هؤلاء في المناسبات والترويج للمُنتجات له انعكاس سلبي على القيمة المعنوية والمادية للحدث والمنتج، وهو ما يجب أن يفهمه ويستوعبه بل ويتحمله كل من يدعوهم مُجدداً.
لأنَّنا لم نردع الأول بالعاقب الذي يستحقه، حفاظاً على مجتمعنا من عبث هؤلاء الذين لا يقدرون قيمة الكلمة وأهمية المنبر والمنصة، فلنستعد لغيره من العابثين من (شلَّة الأنس إياها) الباحثة عن الشهرة بمُحاولة العبث بالمحتوى الإعلامي، والتسطيح الفكري للمجتمع عبر منتجاتهم الفاشلة على منصات التواصل الاجتماعي، ولعلَّ آخرها التعرض لشخصيات عامة لها مكانها وتقديرها في المجتمع بالتقليد والاستهزاء ونشر ذلك عبر (سناب شات).
لا يجب أن يفلت أي مُتطاول عبر وسائل التواصل الاجتماعي من العقوبة النظامية الرادعة، حتى يكون عبِّرة لغيره من (مشاهير الغفلة). الاعتذار والتراجع أفهمه وأقبله عندما يصدر الخطأ للمرة الأولى بشكل عفوي دون قصد، ونتيجة قلَّة الخبرة والتجربة، ولكن حسن النية ينتفي مع التخطيط والتنسيق والنشر لزيادة المُشاهدات، لذا أشعر أنَّه يجب أن نتكاتف لتحجيم دور هؤلاء، بالتوقف عن دعمهم بالإعلانات والمُشاهدات، وجعل دعوتهم لتغطية المناسبات والأحداث مرتبطة بتجوِّيد منتجاتهم ومُخرجاتهم على وسائل التواصل الاجتماعي لتكون مقبولة، وتعكس صورة إيجابية عن السعودية وأبنائها، يقابل ذلك دعم أصحاب المحتوى الجيد والنافع الذين يشرفونَّنا أمام العالم، ويعكسون الصورة الحقيقة عن الشباب السعودي الواعي والمتعلم والمُدرك والناجح.
وعلى دروب الخير نلتقي.