التقى كوكبان وتحاجزا على مرأى من سكان الكوكب المأهول، شهودٌ بالملايين استيقظوا يترقبون اللقاء، وقد استعدوا للصباح المختلف، الحماية للعيون لم تمنع روعة الشروق المظلم. التقى الاثنان في لا زاوية من زوايا الكون، التقيا فأمدّا الكونَ بحلقة ناريّة هائلة.
الشمسُ والقمر وجهًا لوجه، ضوءٌ محجوبٌ دونَه جِرمٌ هائل ظهر بلونه غير المفضّل ..
شكَرَتْهُ بالإنابة عن البشر العاشقين للسهر، وزادتْ بدلال، وقد غطّاها لتصلحَ بعض زينتِها، وتزيدَ من وهجها، وتراجِع قانونَ المسافات:
- يشكرونكَ، لأنكَ بعثرتَ مواعيدَهم، وأجّلتَ اختباراتِهم، وتبادلوا معلوماتٍ سريعةً عن حركتنا نحن سادة الأفلاك!
شعر بأنّها تعزّيه، فقال:
-أنا؟
-وأكثر.. أنتَ أطلقتَ المآذنَ بدعاء طويل في انكشاف الغُمّة، دشّنتَ نوعًا جديدًا من الرسائل والصور المتبادلة عبر الجوّالات.
اعترضَ بتحسّر:
- لكنّهم نسبوا الكسوف لكِ؛ بل الحدث كاملًا، وتكلّموا عنّي عرَضًا.
-لا تنسَ أنَّ هذا الحدث يجري نهارًا.
- يكفيني أنْ ينظروا إليَّ كثيراً، حتى في هذا الصباح. وحين تحجبني الأرضُ في منتصف الشهر ينظرون إلى وجهي، دون حذر، فكيف بهم حين أكون بدرًا في قمّة الوهج والاستدارة.
وختم بنشوة عاشق حائر:
- «ليَكُنْ «
قالت:
- أتعلم؟ الكثير منهم كان مسرورًا في هذا اليوم المختلف، وبعضهم أجرى مقارنة بيننا.. تخيّل!
أيهما أجمل ضوئي الدافئ الحارق أحيانًا؟ أم جمالكَ المكتسب ..ماذا لو كان أصيلاً؟
قال، وقد بدا مطفأً بكاملِ الاستدارة في آخر الشهر: - لا وقت عندي لمماحكات بعض البشر، تكفيني عيونُ الباحثين عن الإلهام والحب واستنطاق العصور بنظرة عميقة إلى الفضاء..
ألا ترينني أقف دونكِ وحاجبًا لكِ من شيء ما!! وما زالوا يحبونني ..
دعينا من هذا الآن، لقد اشتقتُ إلى مكاني: الليل، سيكون الأمر أفضل، حين لا يعترضُ أحدُنا طريقَ الآخر..
قالت:
- هذا الاعتراض ونتيجته حجْبُ الضوء عند الإنسان فقط، حيثُ يرصد المشهد سعيدًا، يصوّر ويملأ الوقت بلحظات نادرة. أما نحن فالمجرّة لنا، والليل والنهار أسماء لم نخترعها، لكنّها جعلتْ الإنسانَ يتعرّف على مواعيده الخاصة حضورًا وانصرافًا بداية ونهاية!
لم يعترض القمر على كلامها، لكنه بدا مستعجلاً، فنظر إلى ساعته الرملية، ثمّ ودّع غزالةَ الكون، وتبدّى له، وراء ساعته، ألفُ عاشق وعاشق ينتظرون عودته من الطرف الآخر للعالم، أما الشمس فكانت تنتظرها العصافيرُ والنباتُ والرعاةُ والناياتُ والندى، والمتسولون وكلّ الموظفين في الأرض!
الخميس29 ربيع2 1441هجري
- ظافر الجبيري