مها محمد الشريف
طهران تقوم بالعديد من الاغتيالات وخطف تستهدف الناشطين المدنيين في العراق. وفي أسبوعين فقط قتل خمسة منهم في التظاهرات التي تهز البلاد وتقلق الطبقة الحاكمة، وكعادتها عبر أذرعها المنتشرة في العراق، والفاعل مجهول كما تقول السلطات، لكن المتظاهرين يؤكدون أن المليشيات التي تدعمها إيران هي الجاني، وأن رصاص عناصرها يلاحق هؤلاء لإخماد الثورة.
لقد كانت الأسابيع الأربعة الماضية في إيران والعراق بعد هلاك الطاغية قاسم سليماني باهظة التكاليف، وكانت الأبعاد المؤثرة لهذه الأحداث مفزعة اجتماعياً وسياسياً، حيث تغيرت معه تداعيات الحياة السياسية ومراحل التقلبات الإيرانية في المنطقة وأساليب الاستجابة للمتغيرات وتتابع الصدمات على طهران في المشهد العام.
وبحسب ما يبدو، فإن جزءًا كبيرًا من الكراهية التي تمارسها إيران ضد محيطها الإقليمي، تاريخا متأصلا طوروه كنظام واستراتيجية تمارسها، وتقف ضد نبذها ليظل محل جدل بين دول العالم، ولكن عندما يكون القياس على مستوى أراء ومبادئ الدول ومجتمعاتها، يظل كارثة تضرب عشرات الدول فهو على بشاعته يحمل أيضا كثيراً من الأسرار والأسباب غير المتوقعة وزرع البلبلة وضرب الاستقرار والسلم الدولي، والاغتيالات للناشطين المدنيين والسياسيين والصحفيين أقبح هذه الممارسات.
فلا شك أن هذه الأفعال ستكون مصدر تهديد وخطر تستدعي اليقظة لكل المؤشرات التي تثير الشكوك حولها. لذا على الإنسان أن يعي بأن عالم اليوم تحركه المصالح العمياء والصماء التي لا ترى أشلاء ودماء القتلى ولا تسمع صراخ الأمهات وبكاء الأطفال وضاع سدى كل ما أعلنته الأمم المتحدة من نداءات وتحذيرات.
تخيّم نتائجها على كل ما يحدث الآن، كما لو كانت صدى آتياً من عصور الاستبداد والهمجية القديمة، ضربت عرض الحائط كل الجهود الرامية للعمل من أجل استقرار العراق، فقد بثت وسائل إعلام عراقية ومواقع على شبكات التواصل لقطات تظهر جانباً من جنازة الناشط المدني، وسرعان ما تحولت إلى احتجاج جديد، حيث اغتال مسلحون مجهولون بالرصاص، ناشطاً مدنياً في محافظة ذي قار جنوبي العراق، في أحدث عمليات القتل التي تستهدف المشاركين في الاحتجاجات السلمية منذ اندلاعها في أكتوبر الماضي.
وشعر الشعب بالإحباط من الحكومة وضاق ذرعاً من أنشطة إيران الخبيثة. بهذا المعنى، فإن هذا القتل لقمع أصوات الشعب وصوت الشارع إبان هذا الانحدار والتدهور الذي يعيشه العراق، من تبعية قد ظللت مفاهيمها بكفاءة عالية، تُرى ماهي الحالة التي ستؤول إليها البلاد في هذا الزمن المضطرب بعد اغتيال العديد من الضحايا من الكبار والشباب الذين شاركوا في التظاهرات التي تشهدها ساحة الاحتجاجات، وأتت هذه الاغتيالات بعد 3 أيام على قتل صحفيين كانا يغطيان تظاهرات مدينة البصرة المجاورة.
إن هذا كله يدفعنا أن نسأل لماذا تنفذ هذه الاغتيالات في حضرة الحكومة ؟، لماذا اغتال مسلحون مجهولون، مراسل قناة «دجلة» الإخبارية في البصرة أحمد عبد الصمد (37 عاماً) وزميله المصور صفاء غالي (26 عاماً). وحمّل مدافعون عن حرية الصحافة مسؤولية الاغتيال لـ«ميليشيات موالية لإيران».؟
وهكذا، تكون الدول التي تسيطر عليها إيران تتسارع مظاهر الإكراه فيها وتبقى طافية على السطح بلا حول منها ولا قوة في ظل هذه الموجة العاتية من الاغتيالات ؟، هل هي لإسكات أصوات الناشطين المطالبين بمحاربة الفساد، ومنعهم من التعبير عن رفض التدخل الإيراني في شؤون بلدهم، أم هي اتفاقيات مبرمة لقمع الشعب.؟
فدعاة الحروب ومؤيدوها يثيرون الفوضى والرعب في كل مكان، وتقول التقارير إن هناك حملة ممنهجة من الخطف والتخويف والترويع ضد الناشطين تنفذها جهات مجهولة، وكيانات مسلحة وخارجون عن القانون، فيما تحوم الشبهات حول أياد محلية مدعومة من إيران، فهي ليست شبهات حسبما ذكرت التقارير، ولكن هذا ما سيقوله المتشائم الخائف يا سادة، فهذا الاعتراف أمر لابد منه لا سيما إذا أخذنا بالاعتبار أن هذه الجرائم ما زالت ماثلة للعيان وتستوجب إيقافها لأنها تهدد أمن العراق وشعبه.