د. فهد صالح عبدالله السلطان
إبان عملي أمينا لمجلس الغرف السعودية كنت أسمع من بعض رجال الأعمال تساؤلات حول السعودة وكنت أتساءل لماذا يطالبهم نظام العمل بتحقيق نسبة عالية من السعودة؟ في تلك الأثناء عزمت على تأسيس أكاديمية للاستشارات والتدريب وكان أكبر ما يشغل بالي هو كيف أتخلص من موضوع السعودة وكيف سأتعامل مع ضوابطها ومحدداتها؟ وهل هناك من مخرج نظامي؟ تم تأسيس الأكاديمية بشقيها الاستشاري والتدريبي وحاولت أن أمسك العصى من النصف وأبحث عن حلول توفيقية على نظرية لا ضرر ولا ضرار، بمعنى توظيف سعوديين وغير سعوديين في برامج التدريب والاستشارات.
ومن خلال تجربة عملية امتدت إلى عدة سنوات واستنادا إلى معايير علمية ومؤشرا أداء رئيسة تركز على تحقيق أهداف التنظيم الرئيسة (جودة المخرجات، كفاءة التشغيل وسرعة الأداء). خرجت بنتائج علمية عملية هامة ربما يستفيد منها قطاع الأعمال والجهات الحكومية المعنية على حد سواء. هذه القراءة ليست بحثا نظريا أكاديميا وليست مسوحات عامة قد يشوبها ما يشوبها من الخلل البحثي، هي قراءة مهنية لتجربة عملية حية. هذه القراءة تتضمن مؤشرات تختص بذات القطاع (التدريب والاستشارات) ومؤشرات عامة يمكن إسقاطها على الأنشطة العملية الأخرى.
وباختصار، تؤكد الدلائل تميز المهني السعودي في الأداء وفي السلوك على غيره بشكل ملفت.. فهو يجمع بين المهنية والإخلاص.. وهما خصلتان يتميز فيهما معظم السعوديون وكل من عمل معنا في الأكاديمية. وغني عن القول إنهما أهم معايير كفاءة الأداء على الإطلاق.. «إن خير من استأجرت القوي الأمين». فالمهنية بكافة أبعادها تنظوي تحت القوة بينما تشتمل الأمانة على الإخلاص وغيره من السلوكيات المحمودة. والشيء الذي ثبت بالتجربة والبرهان أنه لا يمكن لأي من الصفتين تحقيق نجاح يذكر بمفردها فلابد من اجتماعهما في أي عمل. بقي نقطة مهمة تتعلق بما يلاحظه بعض رجال الأعمال من أن غير المهنيين من الشباب السعودي ربما يعاني من بعض السلوكيات السلبية كعدم الانضباط...إلخ وهو موضوع يحتاج إلى دراسة من قبل الجهات المعنية وأرى أن تقوم وزارة التعليم بإدراج مواد تتعلق بالانضباط (Discipline) وبأخلاقيات العمل (Code of conductالجزيرةCode of Ethics)
رسالتي إلى قطاعي الأعمال والحكومة هي أهمية التركيز على المهني السعودي الذي يتميز بالمهنية والإخلاص معا، فهما خصلتان نادرتان أساسيتان لتحقيق نجاح مستدام في كافة الأعمال. نعم.. مزمار الحي يطرب!!!