لا يجوز ذلك لأنه من الأموال التي يجري فيها الربا، وشرطه: إذا كان من جنس واحد فالتقابض والتماثل، وإن كان من جنسين مختلفين يشترط فيه التقابض.
وبيع الكمبيالة هي بيع الدَّين الذي فيها على رجل آخر بالمال نفسه المستحق على ذلك الرجل أو بأقل منه، وعند حلول الأجل يستوفي من ذلك الرجل الذي عليه هذا المستند (الكمبيالة). ولا يجوز بيع الدَّين بحال لم يقبض قبل التفرق، وذلك إذا كان من الأموال التي يجري فيها الربا من غير جنسه، فإذا كان من جنس واحد كدينار بدينار لم يجز إلا بشرطين: التماثل والتقابض في مجلس العقد.
وأما بيع الدين بالدين فمنعه الجمهور، وحكاه ابن المنذر إجماعُا لحديث: «نهى عن بيع الكالئ بالكالئ». وفي صحة الإجماع نظر، وحديث: «نهى عن بيع الكالئ بالكالئ» ضعيف. وذهب المالكية إلى جواز بيع الدَّين بالدَّين ما لم يكن غررًا أو ربا. والذي يظهر جواز بيع الدَّين بالدَّين ما لم يتضمن محذورًا شرعيًّا، كأن يجري فيه الربا، كبيع دراهم بدراهم نسيئة أو متفاضلة كبيع الكمبيالة (دَين) بدراهم حالّة أو مؤجّلة، وكأن يربح فيما لم يضمن، أو يتضمن غررًا كعدم القدرة على تسليم المبيع، وكذا بيع الدَّين على من هو عليه مشروط بعدم وجود المحذور الشرعي؛ فلا يجوز أن يربح فيما لم يضمن، ولا يكون من الأموال التي يجري فيها الربا إلا بشرطها، وأن لا يتضمن غررًا. فمثلا: إذا كان لزيد مئة صاع من البُر في ذمة عمرو فباعها زيد على خالد بمئة صاع من الشعير، وأخذ الشعير، لا يجوز؛ لأن بين الثمن والدَّين ربا نسيئة.
والله تعالى أعلم وأحكم.
** **
د. محمد بن سعد الهليل العصيمي - كلية الشريعة - جامعة أم القرى