حمّاد السالمي
* حاولتُ في مقالي يوم الأحد الفارط (http://www.al-jazirah.com/2020/20200119/ar2.htm) إعطاء لمحة سريعة موجزة قدر الإمكان عن تاريخ العداء الفارسي للعرب. العداء الذي ركب موجة المذهب الشيعي العربي أصلاً - خاصة في زمننا هذا - بهدف تركيع العرب وإذلالهم. قوبل المقال بتعليقات مثرية على أكثر من منصة رقمية لعدد من المتابعين والمثقفين الواعين حقيقة بلب المشكل بين العرب والفرس، ورأيت في كثير مما كُتب إضاءات مهمة، وغاية في الجمال، وجديرة بأن تأخذ المكان نفسه، للعنوان نفسه.
* أعرض فيما يأتي مقتطفات مما رشح من تعليقات لثلاثة من المثقفين الأصدقاء مع حفظ الألقاب.
فهذا الأخ (سعيد الأسمري) يقول: تحدثتم بدقة عن طبيعة الفرس وبغضهم للعرب، وعنجهيتهم، ورغبتهم باستعادة أمجادهم المجوسية. وهذا هو الوجه الحقيقي الخفي البغيض لتلك الأمة العنصرية الجاهلة. أما الوجه الظاهر فهو تبني أفكار مضللة، وما يسمونه بعدالة السماء المتمثلة في الثورة الإيرانية، التي يحاولون إقناع الناس بتصديرها لهم دون أن يعلموا أن ثورتهم باطلة، ومحاولاتهم فاشلة، رغم ما بذلوه من أجل تصديرها من جهود إعلامية واقتصادية وسياسية وحربية وتخريبية كبيرة.. فكلنا يعلم أن الخميني، ومن بعده الخامنئي، حوَّلا إيران من دولة مدنية إلى دولة شيطانية، تتلحف بالدين، وهم أبعد ما يكونون عن الدين، ويحاولون إقناع شعوبهم والعالم بأنهم يصدرون ثورة، بينما هم لم يصدروا غير العبث والجهل والفقر والتخلف والأعمال الشيطانية إلى البلاد المجاورة لإيران بصفة خاصة، وإلى الكثير من بلدان العالم بصفة عامة. ولا أدل على ذلك من تبني إيران أحزابًا مذهبية خبيثة، مثل حزب اللات في لبنان، الذي عاث في الشام فسادًا وقتلاً وتدميرًا، وتبنى العديد من أعمال التخريب في العالم، كالاعتداء على السفارات والقنصليات والممثلين الدبلوماسيين، وخطف الطائرات. وكذلك الحشد الشعبي، وما يسمى بعصائب أهل الحق في العراق، اللذان صارا على نهج حزب اللات، ولا يقلان سوءًا وفجورًا عن ذلك الحزب الهمجي.. وأعمالهما الإجرامية ضد الإنسانية في العراق ليست خافية على أحد. وكذلك أسهمت مع حكومة أمريكا السابقة بزعامة الحزب الديمقراطي برئاسة أوباما في نشر الفوضى، وإنشاء جيش الدولة المعروف باسم داعش، ثم الحزب الانقلابي في اليمن المسمى حزب أنصار الله، إضافة إلى أذرعها الأخرى، كالفاطميين في أفغانستان، والزينبيين في باكستان. ولا ننسى اعتداءاتها المتعددة في أرض الحرمين الشريفين، المتمثلة في حشد المظاهرات غير السلمية في أوقات الحج، وتنفيذ أعمال التفجيرات والتخريب في مكة المكرمة، وتصدير كميات كبيرة من المتفجرات التي تم كشفها وضبطها في مطار الملك عبد العزيز بجدة عام 1986م، ومهاجمة معالم اقتصادية مدنية في المملكة، مثل أرامكو في بقيق وخريص.
* ثم يختم بقوله: هذه هي نتائج ثورة إيران التي تريد تصديرها للعالم، وحان الوقت للتصدي لها، والحد من خطورتها، ووقف أنشطتها ونواياها التدميرية الخبيثة الهمجية. إيران الثورة لم تصدِّر فكرًا بنَّاء، ولا علمًا نافعًا، ولا اقتصادًا مزدهرًا، ولا أي عمل من الأعمال النافعة للبشرية، وإنما صدَّرت الفوضى والقتل والتفجير والتخريب، وتشريد الملايين، وأجرمت بحق شعبها والشعوب الأخرى والعالم أجمع. كل ذلك من أجل تحقيق أهدافها الانتقامية الخبيثة، وأمجادها المجوسية العنصرية التي قضى عليها الإسلام.
* وهذا الأخ (مساعد العتيبي) يقول في تعليق آخر نير: الشعوبية كما أشرت بدأت مع العصر الأموي، لكن لم يكن لها ذلك الظهور نظرًا لهيمنة العرب في العهد الأموي على مفاصل الدولة الإدارية منها والعسكرية. لكن مع الدولة العباسية هيمن الفرس حتى (نكبة البرامكة) في عهد الرشيد، ثم حل محلهم الأتراك في عهد المعتصم، فسيطروا حينها على كل شيء، وتم اغتيال (المتوكل) ووزيره الفتح بن خاقان، وبعد ذلك هيمن الأتراك، والخليفة مجرد صورة، وبخاصة في المركز (بغداد) عاصمة العباسيين، وما أعقب ذلك من تشظي دولة بني العباس، ونشوء إمارات ودول كالإخشيدية في مصر، وإمارة سيف الدولة في حلب، وأخرى في خراسان.. وغيرها. الشعوبية نزعة عنصرية، يبدو أنها نشأت كردة فعل على التعالي العربي الذي ساد في العهد الأموي وما قبله. العنصرية وإيقاظها في العصر الحاضر من أبرز أعراض التخلف والنكوص نحو الماضي، وإثارة ثاراته؛ ليبقى الجميع في هذه الحالة المزرية من الوهن الحضاري والتخلف.
* ونختم بتعليق ثالث للأخ (حسين العيلي) الذي قال: أشكرك على هذا التتبُّع التاريخي للشعوبية من بدايتها حتى اليوم، الذي دعمته بشواهد من التاريخ والأحداث قديمًا وحديثًا. إن تبني الفرس الفكر الشيعي والمغالاة فيه ليس حبًّا في آل البيت، بل جسرًا إلى إحياء المجد الفارسي الذي هلك ولن يعود.
والمشكلة أن العرب المتشيعين ما إن يفيقوا من المآسي الصفوية حتى يعودوا لحضنها من جديد تحت مخدر المذهب الذي استغل عاطفتهم الدينية وحبهم لآل البيت. أعتقد أن السُّنة كذلك خُدعوا في هذه اللجة؛ فاهتموا بمواجهة المذهب الذي تتبناه إيران، ولم يلتفتوا للقومية الفارسية ذاتها التي تركب موجة المذهب، وتعمل لتحقيق أحلامها في استعادة مجدها، جاعلة من الشيعة العرب جسرًا للعبور نحو هذا الهدف.
* شكرًا للأحبة الثلاثة؛ فهذا مقال لم أكتبه على مقال كتبته.
* أخيرًا.. هؤلاء هم الفرس. انظروا يا عرب: يقول شاعر إيران المعاصر الأول والأشهر (مصطفى بادكوبه) من على منبر رسمي في دار البلدية في همدان في 29-3-2013م، وسط تصفيق حار من الجمهور الإيراني، وهو يخاطب الله سبحانه وتعالى ضمن قصيدة طويلة: (يا إله العرب.. اجعل سكني في قعر جهنم ولكن بشرط: أن لا أسمع صوت عربي)..!