حمد بن عبدالله القاضي
هذه الكلمة المؤثرة قالتها «أم» بالعصر العباسي كان يطلبها صاحب حانوت مبلغا من الدراهم حيث كانت تشتري منه دينا لقلة ذات يدها، وبإحدى المرَّات تأخَّرت بالسداد فأصبح الدائن يذهب إليها بمنزلها ليأخذ حقَّه وكانت كلَّما جاء تعتذر وبإحدى المرَّات عندما اعتذرت غضِب وضربها على وجهها فصمتت وطوت شجنها ولم تقل شيئاً.
وجاء الدائن من الغد لمنزلها مطالبا بدينه ففتح له ابنها الصغير وسأل عن أمَّه فقال إنها ليست بالبيت فغضب الدائن ظنَّاً أنه يكذب فما كان منه إلاَّ أن دفعه بيده إلى الوراء فبكى الولد وإذا بأمه تأتي من السوق وترى ابنها يبكي وعندها بكت فقال الدائن: بالأمس ضربتك ضرباً بهذه العصا ولم تبكِ واليوم لمست ابنك لمسا خفيفا بيدي فبكيتِ، فردَّت عليه: «بالأمس ضربت جلدي وأماّ َاليوم فقد ضربت كبدي».
فتأثَّر الدائن وأقسم بعد أن رأى رحمة الأم ألاَّ يطالبها بدينه بعد اليوم.
ربّ احفظ كل أب وأم باقيين. وارحم كل أب وأم راحلين.
* * *
= 2 =
تاج الوفاء: ابن يؤلِّف عن أبيه.
الوفاء تاج السجايا، وأبهاه ما يتوجه لأب أو أم.
أمامي كتاب، كتبه ابن عن أبيه يفيض بِرًّا وصدقاً.
كتاب: الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله الخضيري: حياته وأبناؤه
ألفه ابنه العزيز د. علي بن عبدالعزيز الخضيري
الكتاب يحكي قِصَّة أبٍ مكافح عصامي صبر وتعِبَ وتغرَّب سنين طويلة ثم عاد بعد أن كَوَّن نفسه مادياً وقضى عُمره بالزراعة والبيع والشراء.
أورد المؤلِّف مواقف مؤثِّرة ما أحرى الأجيال أن تستفيد منها،
وكان يمتلك وعيا وإدراكا فآمن بالعلم وفضله فرغم انشغاله بطلب الرزق وبالفلاحة، بمزرعته «رميثة» لم ينس تعليم أبنائه الذين صار منهم القاضي والعالم والتاجر والمسؤول والإعلامي، ومن أكثر القصص تأثيراً عندما انتقلت والدته لرحمة ربِّها وعُمره 11 سنة وكانت قد دعت واستجاب الله لدعوتها بألاَّ يفك حزائمها بقبرها إلا ابنها وأن يرزقه 10 أولاد، واستجاب الله لدعوتها.
وختم المؤلف الحديث عن والده رحمه الله بالسيرة المكتوبة التي حبّرها الباحث الأستاذ أ. عبدالله بن زايد الطويان ص32.
ثم لاستكمال سيرة والده كتب نبذا عن أبنائه التسعة الذين خدموا دينهم ووطنهم رحم الله من رحل منهم وحفظ من بقي.
وأعقب ذلك بذكر بناته وتعريف مختصر بكل واحدة.
وأحسن المؤلف بالوثائق التي نشرها والتي حوت مكاتبات تشير لمعاملات البيع والشراء وغيرها بعضها بخط والده المترجَم له وبعضها بخط مجايليه.
وفي ختام الكتاب شجرة أسرة الخضيري.. هذه الأسرة العزيزة التي عرفت بالعلم والخير ومضيء السجايا من كرم ووفاء وحسن تعامل.
وبعد:
الكتاب عمل وفائي وجهد علمي عن والده وأبنائه رحمه الله
وقد جاء الكتاب بإخراج جميل عليه صورة مزرعة والده التي فلحها وقضى فيها نهاية عمره.
* * *
= 3 =
آخر الجداول
أبيات مؤثرة من قصيدة «رسالة من أمي» للشاعر إلياس أبو شبكة الذي كان مغتربا عنها بالمهجر:
يا ابني وتسألني: هل انقشعت
عن مقلتي حجب الغشاوات
أنت الدواء فإن نبذت يدي
لا طبّ يجدي في مداواتي
أنسيت خلف خطاك أدعيتي
ومحوت من عينيك قبلاتي؟
ما حاجتي للنور في بصري
إن لم تكن عيناك مرآتي؟