محمد المنيف
للرياح أنواع وصفات منها الرياح الموسمية والرياح.... لكن رياحنا اليوم تخص الفن التشكيلي, ويمثلها حضور الشباب باندفاع مصحوب بالكثير من تبدلات الطقس, من سخونة وبرودة في ما يقدم من أعمال يشوب بعضها شائبة التقليد, وتبعية ثقافات عالمية, بذورها المحمولة لا تصلح للإنبات في بيئتنا الثقافية، ولا تنسجم مع تراثنا ولا يتقبلها المتلقي بسهولة..
لكن هذا لا يعني أن ليس لدينا ما يشعرنا بالسعادة في أن الفن التشكيلي يتطور وينافس بثقافة وارث المجتمع وتاريخ الأرض والوطن، فما لا يتغير ويتحرك, يبقى جامدا وميتا، والفنون بشكل عام، لا تتوقف أو يركد عطاء مبدعيها، بل يتسابقون على تقديم الجديد الجيد، ولهذا فرياح التجديد في حال ضبط معاييرها، والتحكم في تحركها وضبط سيرها، فيها من الفوائد كثير، فهي تنعش المبدعين وتنقل لقاح الإبداع من جيل لآخر، كما تزيل الغبار عن المتكلس وتصقل ما لحقه من الصدأ.
واليوم وفي هذه المرحلة من الحراك المتسارع الذي يوازي ما يتحقق للوطن من تطور في الأرض ورقي في مستوى التلقي لمختلف العلوم نرى أن الفن التشكيلي أيضا يمر بمراحل تجديد يقوم عليها جيل شاب دماؤه ساخنة يمتلك القدرة على استيعاب كل جديد، وهيأت له سبل الأخذ بما يستحدثه من فكرة بما وصلت إليه التقنيات الحديثة من برامج وتواصل مع الآخر دون عناء.
هذا التحول والتلاحم التشكيلي الحديث من الفنانين الشباب يقابله تجارب عالمية ومحلية لفنانين اكتسبوا الخبرات وأسسوا أساليب راسخة تساير كل العصور، ليست وقتية كما نرى بعض الأعمال الحديثة التي توصف (بالمفاهيمية أو التركيبية).
هنا نقف أمام المستقبل وما سيحدثه هذا الاندفاع من الشباب وماذا سيكون وضع السابقين، وكيف الجمع بينهم في وقت متسارع يقدم فيه الدعم اللامتناهي للأعمال الحديثة ويغض الطرف فيه عن السابق. ما يراه البعض سونامي لا يمكن التنبؤ بما سينتهي إليه، ولا معرفة لكيفية إدارته أو رصد مساره ومسيرته لئلا تطمس من خلاله ثقافة وتراث وطن بصريا.