أ.د.عثمان بن صالح العامر
هذه ليست أمنية لا سمح الله فضلا عن أن تكون مطلباً خاصاً أطرحه هنا، ولكنها زفرة عاجز، وأنة مصاب، وحتى يتضح للقارئ الكريم عمق الجرح وشدة الألم يسأل بنفسه عينة عشوائية من أقاربه وممن حوله من طلبة وطالبات الجامعة التي في منطقته هذه الأسئلة المختصرة والمباشرة:
أين تقع المكتبة المركزية في الجامعة، من الجهة المسئولة عنها، وما هي الخدمات التي تقدمها لمنسوبي الجامعة؟ كم مرة زرتها في الفصل الدراسي الماضي، وكم ساعة أمضيتها هناك؟ كم كتاب استعاره منها طوال سنواتك الجامعية؟ كم بحث أنجزته بين أروقتها؟ كم هم الأساتذة الذين جعلوك تذهب للمكتبة المركزية في الجامعة لتقضي ساعات من يومك هناك؟ هذه الأسئلة ستوصلك جزماً إلى القناعة بأن المكتبات المركزية ليست جاذبة، وأن ما ينفق عليها وتكاليف التشغيل لها لا يوازيه ويوازيها استفادة حقيقية لا من قبل أعضاء هيئة التدريس ولا حتى الطلاب والطالبات فضلاً عن الموظفين ومجتمع الجامعة المحلي، يظهر هذا بجلاء حين أخذ النسبة بين عدد منسوبي الجامعة من جهة ومرتادي المكتبة والمستفيدين منها في العام الجامعي من جهة أخرى، ولذا أعتقد أن من الضروري بحث آلية جديدة لتفعيل هذه المكتبات التي صرف وأنفق في سبيل تشييدها وتزويدها بالجديد في عالم الكتب الملايين. وهذا لا يعني بالتبعية ضعف البحث العلمي في هذه الجامعة أو تلك، ولكن المكتبة الرقمية والكتب الالكترونية أضحت تزاحم النسخ الورقية وتزيحها عن الساحة البحثية والثقافية، علاوة على أن كثيراً من أعضاء هيئة التدريس جعل لنفسه مكتبته الخاصة التي تجعله في غنى عن المكتبة المركزية غالباً.
أسوأ من وضع هذه المكتبات التابعة للجامعات المكتبات العامة التي صارت جزءا من التراث في كثير من مناطق المملكة ونادراً ما يستفاد منها مع أنها تفتح أبوابها صباحاً ومساء، ولذلك هي الأخرى بحاجة للتفعيل سواء من خلال مد جسور التعاون مع وزارة التعليم لتنظيم زيارات طلابية بشكل مستمر أو تأجير صوالين ثقافية في ساحاتها الخارجية للقطاع الخاص، أو رصد جوائز مالية ضخمة لمسابقات محلية تقام داخل أروقة هذه الصروح العلمية الثمينة التي تعتبر منارات يجب أن تبقى مضيئة للأجيال، دمتم بخير وتقبلوا صادق الود والسلام.