(ويل سميث)، يقوم بدور رجل أعمال ناجح يغرق في حالة من العزلة والاكتئاب الحاد بعد وفاة ابنته في عمر لم يتجاوز الست سنوات، إلا أن أصدقاءه وشركاءه الثلاثة، وايت (إدوارد نورتون)، كلير (كيت وينسلت) وسيمون (مايكل بينيا)، ضاقوا ذرعًا بهذه الحالة التي يرون أنها تجاوزت حدها، وهو الأمر الذي يضر بشركتهم التي فقدت أهم زبائنها وخسرت عددًا كبيرًا من صفقاتها.
وهكذا يتآمر الثلاثة على صديقهم ومديرهم بهدف وضع حالته العقلية في موضع الشك، وهذا ما يدور حوله قصة الفيلم.
ربما لم يلق الفيلم النجاح المتوقع له، إلا أن فكرة الفيلم مميزة وهادفة: وعلى كل حال فكل يقرأها من زاويته: نجح (ويل سميث) إلى حد بعيد، في تجسيد دور الأب المكلوم، الذي يتلوى ألماً، وفي التجسيد المؤثر لحالة إنسانية لرجل ناجح فقد أغلى ما يملك، حالة الاكتئاب الحاد أفقدته إيمانه بكل قيمة، وأهدرت قدرته على التماسك، ولذا لم يعد يدرك بعد أهمية وجدوى أي شيء في الحياة! وبقي لسنتين متتاليتين يعبِّر عن سخطه وغضبه من خلال مهمتين: الأول قضاء خمسة أيام في رص مكعبات متعاقبة وفي اليوم السادس وبحركة منه يسقط كل ما بناه، وكأنه يشير إلى العبثية حين توفت ابنته في السادسة من عمرها، والمهمة التالية: بكتابة رسائل يوجهها لثلاث مفاهيم أساسية تدور حولها الحياة، تلك المفاهيم كثيراً ما كان يرددها في اجتماعاته بفخر وثقة، قبل مصابه، ثم هو يصرخ في وجهها بسخط ورفض بعد مأساته: الحب - الوقت - الموت. معبراً عن استيائه تجاه كل قيمة لكونها خذلته حين سُلب منه أعز ما يملك...كان يكتب لها رسائل ورقية يضعها في صندوق البريد، هذه الرسائل هي ما استغلها أصدقاؤه لإرسال ثلاثة ممثلين مغمورين له تحت اسم الموت - الحب - الوقت، للرد عليه ومتابعته بالتصوير، ليرفعوا الفيديوهات إلى رئيس الشركة لإثبات ضعف أهليته بعد إدخال تغييرات على هذه الفيديوهات بحيث يظهر هاورد على أنه شخص مجنون يصرخ لوحده ويحدث نفسه...
الحوارات التي دارت بين البطل والممثلين لأدوار (الحب - الموت - الوقت) وإن تم أداؤها بسطحية وبصورة فكاهية توحي للمشاهد بأنها لا تحمل معنىً عميقًا يتناسب مع حجم الكارثة في حسه، إلا أنها أحدثت له يقظة تمثلت في إمكانية القبول والتحاور مع الجزء الرافض والشعور الغاضب من عقلة، ومثلت هذه انفراجة يسيرة قادته قدماه إلى أخذ مقعد شاغر في إحدى جلسات الدعم الجماعي لكل من فقد ابناً، تديرها سيدة هي الأخرى فقدت طفلة لها في عمر ابنة البطل: ترحب به وتطلب منه عرض قصته، ولكنه يرفض مراراً الحديث، بل وحتى مجرد النطق باسم طفلته. وفي إحدى اللقاءات حدثته بتماسك عن ابنتها وعن سبب وفاتها وهو إصابتها بورم ليفي نادر في الدماغ، قصت عليه ما حدث وقت احتضارها، إذ كانت تجلس بجوارها امرأة مسنة ولما سألتها عن سبب بكائها أردفت مواسية: لكل حدث «مضمون جميل». يعترض سميث ويرى أن تلك عبارة تسويقية يرددها من لا يحس بها، ولكن السيدة تؤكد أن الحالة الشعورية للمسنة كانت جادة وصادقة وأنها لكونها أصغت لهذه النصيحة بقلبها، بدأت تحس بالجمال وتشعر به حينما فتحت عقلها له.
قصة الفيلم تكشف لنا عن الضعف البشري المجرد الذي يغطيه النجاح ويكشفه السخط العارم حين تحل به مصيبة كفقد حبيب. لاسيما لدى من لم يدرك المغزى الحقيقي للحياة والرسالة الضمنية لمجريات أحداثها. فكرة الفيلم رسالة لمن لم يفتح بعد قلبه وعقله معاً للحكمة والجمال اللذين يختبئان خلف كل مصيبة. فالحب بلسم يداوي الجروح، والموت نهاية طبيعية لتجربة الأحياء، والوقت جارٍ بينهما.
الفيلم يكشف الطبيعة البشرية التي تمثل نوعًا آخر من أنواع الضعف، فبطل الفيلم مشكلته تكمن في غضبه وسخطه على الكون وتحديداً المفاهيم الثلاث، في حين أن هناك ضعفًا من نوع آخر وهو في مواجهة الإنسان، وقد تمثلت في هشاشة الضمير والهزيمة الإنسانية حين يتآمر أصدقاؤه عليه لإسقاط إدارته بعد أن لاحظوا حجم الخسائر من جراء تغيبه ومعاناته، متجاهلين دوره الكبير في الوقوف إلى جانبهم!
إن الضعف البشري لا يتعرى في عدم القدرة على امتصاص الصدمات النفسية وتجاوزها، فحسب، وإنما كذلك في الأنانية الطائشة، والاحتيال ببيع الضمير أمام الحالة الإنسانية الطارئة.
الفيلم يحمل في طياته معاني إنسانية جديرة بالتأمل، كالقبول والرضا، ويلفت الانتباه لأهمية الحب المتجسد في الأبناء وبناء الأسرة والدور الأبوي المهم للأب كزوج مخلص وأب محب، وهذا ما افتقده وايت (إدوارد نورتون)، وينبه إلى أهمية استدراك «الوقت» واستثماره لصالح النفس والاحتياجات الطبيعية كممارسة دور الأمومة في وقت مبكر من العمر، وهذا ما كانت تبحث عنه كلير (كيت وينسلت) حتى في أوقات عملها، وتقبل حقيقة «الموت» بسلام والاستعداد له كما أشارت له حالة سيمون (مايكل بينيا).
هذه المعاني الثلاثة والتي بدأ بها الفيلم، اجتمعت في السيدة السمراء التي تفوقت على الجميع في فهم تلك الحقائق والتعامل معها بقبول ورضا، حينما آمنت بالمضمون الجميل.