د. محمد عبدالله الخازم
تكرَّرت التصريحات بإمكانية السماح للجامعات الأجنبية، كما أن نظام الجامعات الجديد يشير إلى إمكانية تحقُّق ذلك. وبعيدًا عن تكرار ما كتبتُه في هذا الشأن، ويمكن العودة إليه من خلال أرشيف الكاتب بجريدتكم، جريدة الجزيرة، ألفت الانتباه إلى رسالة ماجستير حديثة، تستحق الاطلاع عليها من قِبل المهتمين بهذا الموضوع، ناقشتها الباحثة نجلاء بنت معتوق المالكي في جامعة جدة بعنوان «الجامعات الأجنبية في دولة الإمارات العربية المتحدة وإمكانية الاستفادة منها في المملكة العربية السعودية».
في البداية استعرضت الباحثة بشكل سريع تجارب دول عدة قبل التركيز على تجربة دولة الإمارات باعتبارها رائدة على مستوى الشرق الأوسط في استقطاب الطلاب الدوليين أو غير المواطنين؛ إذ بلغ عددهم 54.000 تقريبًا في إحصائيات تسبق عام 2014م، أو ما يشكل خُمس الطلاب الدوليين في الشرق الأوسط. وقد تجاوزت المملكة المتحدة في هذا الشأن. وبالتأكيد هناك عوامل تشريعية وتنظيمية، أسهمت في تسهيل تأسيس فروع الجامعات الأجنبية، والترويج لدولة الإمارات كمصدر للمعرفة في المنطقة. ومن أهم وسائل الترويج هو تأكيد وجود بيئة التعلم الجذابة، وما تمتاز به الإمارات من عوامل الأمان والسلام والاستقرار السياسي، واستيعاب الثقافات المتعددة. إضافة إلى ذلك كلفة التعليم، سواء على المتعلم أو على الجامعات العالمية الراغبة في افتتاح فروعها؛ إذ تُعتبر الإمارات قليلة التكلفة بسبب السياسات التشجيعية التي تستخدمها، منها المساهمة في توفير البنية التحتية للجامعات الأجنبية، كتوفير مدن خاصة بفروع الجامعات كمدينة دبي الأكاديمية الدولية، وقرية دبي للمعرفة التي تستضيف فروعًا لـ21 جامعة، تسهم في توفير البنى التحتية لها. هناك فروع جامعات انسحبت بسبب ضعف الإقبال، أو بسبب مخالفات نظامية، تسببت في إغلاقها. الباحثة أسهبت في استعراض دوافع وجود التعليم الأجنبي في الإمارات، والخطوات التنظيمية العديدة التي تضمن جودته، وعدم مساسه بالأمن السياسي والمجتمعي للدولة، بدءًا من التصريح والاعتماد، وانتهاء بالتقييم؛ لأن رسالتها تهدف إلى الاستفادة من تجربة الإمارات بالنسبة لنا في المملكة. التعليم الأجنبي ليس مجرد تصريح، بل تكييف منظومة تعليمية واستثمارية واجتماعية مناسبة ومتكاملة.
وعن تجربة المملكة أشارت الباحثة إلى المرجعيات التي تؤكد غياب الرؤية الواضحة والتشريعات المناسبة؛ وبسبب ذلك فشلت أو تكاد التجربة الوحيدة المتمثلة في كليات التميُّز تبوء بالفشل رغم أن المقر والتمويل سعودي حكومي.
ومن خلال فحص تجربة الإمارات تخلص الباحثة إلى جملة من التوصيات التي ترى ضرورة ومبررات وجود التعليم العالي الأجنبي بالمملكة، وكذلك تصف الخطوات المطلوبة لتأسيس بنية تنظيمية وبيئة مناسبة لفروع الجامعات الأجنبية في المملكة، في مختلف الجوانب، السياسية، الاجتماعية، الاقتصادية، الأكاديمية والتشريعية. وتؤكد الباحثة أن هذا التوجُّه يسير مع توجهات رؤية المملكة 2030 الرامية إلى دعم مزيد من الانفتاح نحو العالم، وتطوير الكوادر البشرية، وتقديم صور ناعمة ثقافية علمية مرموقة عن المملكة.
شكرًا للباحثة المالكي على هذا المجهود، وأرجو أن يُستفاد من هذه الدراسة القيّمة من قِبل وزارة التعليم ومجلس الجامعات الجديد الذي سيُعنى بالتشريعات الجامعية الجديدة، بما في ذلك المتعلقة بفروع الجامعات الأجنبية. ولا أنسى هيئة الاستثمار ممثلة في ذراعها التعليمية.