محمد آل الشيخ
هناك كثير من المؤشرات التي تتزايد يوماً بعد يوم تُشير إلى أن المكابرة والعناد الفارسي على وشك النفاد، لذلك فأنا على يقين أنهم سيجلسون راغمين مع الرئيس الأمريكي ترامب على طاولة المفاوضات، وسيقبلون كل شروطه وهم صاغرون. أول هذه الشروط التوقف (الأبدي عن تخصيب اليورانيوم.. وأما الشرط الثاني فهو الكف عن التدخل في شئون دول المنطقة الداخلية وأولها العراق، الذي عاثوا فيه وفي لحمته الداخلية فساداً، ورسخوا المذهبية والطائفية، بالشكل الذي جعل نُخب العراق من المتعلمين والمثقفين يتراجعون إلى الصفوف الخلفية، ويتقدم حطة القوم ودهماؤهم الذين يبيعون أول ما يبيعون وطنيتهم وسيادتهم واستقلالهم لملالي طهران، ويقدمون لهم آيات الولاء والانتماء.
لذلك فإنني أعتقد أن أول الرابحين من تقليم أظافر الملالي وكبح جماحهم هم بلا أي شك العراقيون الخُلّص الأحرار، ومن يقرأ تاريخ العراق القريب يجد بحق أنها كانت مفخرة الثقافة العربية بمفكريها ومثقفيها وأدبائها ومتعلميها، الذين -للأسف- هاجروا من العراق إلى الخارج بعد الاحتلال الأمريكي، وأصبح السفلة والمنحطين والمتأسلمين وأزلام الفرس من أمثال نوري المالكي وأحمد شلبي وأبو المهدي المهندس وقاسم الخزعلي؛ هم من يتسيدون المشهد بدعم من الولي الفقيه في إيران.. ومثل هؤلاء بعد أن يُحجم نفوذ إيران في بلاد الرافدين لن تجد لهم ولا لأمثالهم أيّ وجود، وستعود النخب العراقية الحقيقية التي تعيش في الخارج إلى العراق.
إذعان ملالي الفرس الذي يبدو أنه قاب قوسين أو أدنى يجب أن يستثمره العراقيون المتعلمون الوطنيون في بناء (الدولة المدنية) الحقيقية، لتكون نواة للعراق الجديد؛ ولا يمكن للعراقيين أن يُقيموا دولة مدنية إلا بتهميش رجال الدين من أصحاب العمائم السوداء والبيضاء، وحصر نفوذهم في الشئون الدينية فقط، فهؤلاء ومن يدور في فلكهم لا يمكن أن يكون لهم في المجتمعات وزن ولا قيمة اجتماعية إلا بتكريس (المذهبية)، وزرع البغضاء والكراهية لكل من هو على مذهب آخر، والمذهبية هي أول ما يفجر الانتماء الوطني؛ فالدولة المدنية ترتكز دائماً وأبداً على مبدأ (الدين لله والوطن للجميع)، فمتى ما امتدت سلطة وسطوة ونفوذ رجال الدين إلى الشأن السياسي فلا يمكن أن تقوم دولة مدنية؛ وغني عن القول أنك لا تستطيع أن تقيم دولة ديمقراطية على أساس طائفي أو مذهبي، فيتقدم هذا ويتأخر ذاك انطلاقاً من طائفته أو مذهبه وليس على أساس كفاءته وقدرته في الاضطلاع بمسؤوليات منصبه.
الأمر الآخر الذي بودي الإشارة إليه هو أن العراق في حاجة ماسة للوجود الأمريكي حتى يتم بناء العراق كوطن حر يملك قرارات سيادته واستقلاله، ويتطهر أول ما يتطهر من نفوذ الفرس تماماً، وهذا لا يمكن أن يتحقق على أرض الواقع إلا بوجود قوة رادعة لحماية هذا الاستقلال حتى يتم بناء جيش ومؤسسات أمنية قادرة على الذب عن العراق واستقلاله، إلى أن تقوى وتتجذر القوى العسكرية بمختلف مجالاتها ويشتد عودها.
بقي أن أقول إن ما يجري الآن في العراق بسبب الاحتلال الإيراني سببه أن الأمريكيين عام 2003 هم من سلموا العراق على طبق من ذهب لإيران وعملاء إيران.. وهناك الآن مسؤولية أخلاقية عليهم لتصحيح خطأهم الذي اقترفوه، وإنقاذ العراق من الاحتلال الفارسي.
إلى اللقاء،،،