خالد الربيعان
لو أقلعنا بالطائرة لمطار لندن سنجد شيئًا عجيبًا. بالدخول لمبني الحكومة البريطانية سنسأل عن وزير الرياضة، سنجده شخصًا ما. ولو سألنا عن وزير السياحة والتراث والثقافة والميديا هناك سنجد أن وزيرهم جميعًا هو الشخص نفسه؛ وسبب ذلك أن الرياضة مع باقي الصناعات الأخرى في علاقة «متشابكة»!
لا غنى للرياضة إذا كنا نريد جعلها اقتصادًا أن نكشف عنها «برقع» التخصص والتفرد والامتياز الذي تعودنا عليه، ودمجها، ودمج معها صناعات أخرى؛ لأن كله يفيد بعضه، وكله يتكامل ببعضه؛ فالشركات التجارية تسوق لنفسها «رياضيًّا»، والأندية تنفق على نفسها من الرعايات وعلاقات تجارية تسويقية معها، وقتها يمكن أن نعتبر رابطة الدوري الخاص بالبلد كيانًا كبيرًا، يحتوي على شركات أصغر، هي الأندية، يدعمها عبر تواصله مع قطاعات أخرى، التجارية والسياحية والصناعية وغيرها!
بالمثال: لو نظرنا لأضخم العقود المالية لأندية العالم سنجد الآتي، أكبر 20 صفقة تجارية في الدوريات الخمسة الكبرى نتيجة تحرك لكيانات تتبع القطاع الصناعي والتجاري! أكبرها شيفروليه مع مانشستر يونايتد 71 مليون يورو سنويًّا، طيران الإمارات مع ريال مدريد 70 مليونًا، راكوتين اليابانية مع برشلونة 55 مليونًا، ونكمل لنجد أن جميع الشركات الراعية لا علاقة لها بالرياضة بل صناعات ثقيلة ومجالات بعيدة عن الكرة!
الاتحاد شركة طيران مع السيتي، الاتصالات الألمانية مع بايرن ميونخ، يوكوهاما للإطارات مع تشيلسي، بنك ستاندرد مع ليفربول، حتى نصل لـ»جيب للسيارات» مع يوفنتوس. ونتيجة هذه العلاقات مبالغ مالية، تقدر بـ700 مليون يورو، أي 3 مليارات ريال تقريبًا عن 20 ناديًا فقط!
روابط الدوري -كما قلنا- تعمل عملاً مهمًّا ومحوريًّا «ضخمًا»؛ فهي الوسيط والمسوق والجاذب والمتفاوض لكثير من العلاقات التجارية التي أشرنا إليها. رابطة الدوري الإسباني لها مثلاً 8 من الرعاة، منهم بنك مستقل، هو سانتاندير، وشريك تكنولوجي، هو ميكروسوفت، بجانب وساطتها مع شبكات الإعلام للحصول على أفضل صفقة ممكنة لحقوق البث لدعم الأندية. كل هذا على السطح بينما في الكواليس هناك مفاوضات وجلسات وندوات واتفاقات بين الرابطة ووزارات أخرى والغرف الصناعية والتجارية!
رابطة دوري المحترفين السعودية بالمثل في الفترة القادمة متفائل بأن دورها سيتطور أكثر، ويتشعب أكثر «استثماريًّا»، وتكون سببًا لتنمية مصادر الدخل للأندية السعودية المحترفة، وتقوية الأندية الصغيرة لتكون «متوسطة»، والمتوسطة لتكون «كبيرة»، والكبيرة لتصل «للعالمية»!
رفع قيمة حقوق بث الدوري السعودي، وترويجه أكثر آسيويًّا وعربيًّا، وترجمة ذلك بصفقات وتعاون مع قطاعات التجارة والصناعة السعودية. رفع معدل الحضور الجماهيري ليصبح من 5 آلاف مشجع/ مباراة، لـ50 ألفًا وأكثر؛ الأمر الذي يعني مبيعات أكثر لتذاكر المباريات، ولسلع الأندية في المتاجر.
رفع القيمة السوقية للأندية من خلال تطوير الأصول الثابتة من ملاعب ومبانٍ ومتاجر، والأصول المتداولة كالنجوم والناشئين، والارتقاء بمنصات التواصل للأندية والتسويق الرياضي الإلكتروني من خلالها.. فنحن في أزهى عصوره! النادي يبيع بالمتجر الفعلي 50 ألف قميص بينما على الإنترنت 500 ألف. ومثال يوفنتوس وقميص رونالدو يشهد بذلك!
أخيرًا - وهو الأهم على الإطلاق - رفع جمالية الدوري وفنياته وشراسة المنافسة على لقبه! فهذا يعني حضورًا جماهيريًّا طاغيًا، ونسبة ممارسة ومشاهدة أعلى للرياضة السعودية، وتسويقًا دوليًّا للمملكة ودوريها عربيًّا وآسيويًّا؛ ليصبح من الكبار العشرة عالميًّا؛ والنتيجة أن يكون عندنا «اقتصاد رياضي سعودي»، يُعتمد عليه كمصدر من الدخل الوطني.. وقتها تصبح رابطة الدوري السعودي: قائد لمستقبل تجاري.. واعد!
من..إلى!
الرابطة الأقوى الآن، والأكثر تأثيرًا، هي رابطة الدوري الإنجليزي المحترفة. بدايات خجولة ماديًّا في التسعينيات إلى 9 مليارات يورو قيمة لاعبيها الآن. من صفر إلى أكثر من 20 راعيًا عبر تاريخها، حمل بعضها اسم المسابقة، ودعمها دعمًا ماليًّا ضخمًا. من أقل من مليون باوند قيمة البث لـ8 مليارات يورو قيمة حقوقه الآن داخل وخارج إنجلترا. ومن مشكلات مع الفيفا لأندية كليفربول، وأخرى كانت صغيرة كالسيتي، حتى رأينا السيتي يحقق الدوري، وليفربول يحقق مونديال الأندية!