محمد المنيف
لا شك أن كل مدينة تستحق أن يكون بها متحف لإبداع أبنائها لمختلف الفنون لكنني أشرت في العنوان لمدينتين شريفتين الكل بجمع على حبهما. وفوق ذلك ما تشرف نمطان من الخطوط بتسميتهم بها كالخط المكي والمدني. كما جاء في كل ما يكتب عن هذا الفن الإسلامي الرمز فقد سمي الخط المَكِّي أو كما يسميه البعض بالخط الحجازي نسبة إلى نشاطه في مكة، في القرن الأول الهجري (القرن السابع الميلادي).
أما الخط المدني سمي نسبة إلى المدينة المنورة حيث ظهر فيها أول ما ظهر، وكُتب به القرآن الكريم والسنة النبوية ونسخت به المصاحف الأولى مع ما ذكر في الوثائق أن المراسلات النبوية مع الملوك والرؤساء تمت باستخدامه في بداية الدعوة خارج الحجاز إلى الإسلام.
تلك التعريفات تتداولها كتب تاريخ الخط العربي وتوثقها ولهذا فإن في مثل هذه المناسبة التي أعلنها سمو وزير الثقافة بأن يكون هذا العام عامًا للخط العربي ما يجعلنا نتوقع أن يكون فيه كما أشار سموه في مقاله للصحف الكثير من الفعاليات والمسابقات لإثراء العام بأكمله.
كما أنها فرصة للإعلان عن متحف للخط المدني والمكي يختار له موقعًا في إحدى لمدينتين يجمع فيه نماذج لهذا النمط المنسوب لمكة والمدينة عبر العصور ويعرض فيه أيضًا الأقلام والمحابر التي كانت تستخدم في تلك الحقب إلى يومنا هذا وما جد من تطور الأساليب التي لا تلغي تاريخ هذا الإبداع مع منح الأجيال اجنحة يكملون فيه من سبقوهم.
أجزم أن فكرة المتحف ليست بعيدة عمّا يحمله سمو الأمير بدر من اهتمام لهذا الفن التاريخي والديني وما جاء في كلمته لا يحتاج لتفسير أو توضيح بقدر ما تعد مشروعًا يحتذى به ففيها من التفاصيل والعناوين ما يمكن أيضًا أن تكون مصدر إلهام للكتابة.
ومع ما يستشعره الكثير فإنني متفاؤل بأن هذا العام الذي أخصص للخط العربي سيثري الوطن بمبدعين جدد يكملون مسيرة من سبقوهم من الإباء والأجداد الذي حافظوا عليه ونشروه في كل البلاد الإسلامية وغيرها.