خالد بن حمد المالك
شهدت المملكة في السنوات الثلاث الماضية عملاً غير مسبوق في تحديث أنظمة الدولة، بما مسَّ كل مفاصل الأجهزة الحكومية، أحيانًا بالإلغاء أو الضم، وأحيانًا أخرى بالابتكار والخلق والتجديد. وصاحب ذلك تشريع أنظمة، وتعديل أخرى، وإيجاد حراك اجتماعي واقتصادي وفقًا لرؤية وبرامج وسياسات جديدة، أظهرت المملكة تنظيميًّا بما هي عليه الآن.
* *
كانت رؤية المملكة 2030 وبرنامج التحول الوطني 2020 هما البوصلة في التوجُّه نحو كل هذا التغيير الذي شهدته المملكة، وسببًا في جعلها واجهة عالمية في محاكاة إنجازاتها، واقتداء ومحاكاة صورتها الجديدة في الخطوات الإصلاحية التي رافقت وتناغمت مع سياساتها الجديدة.
* *
مناسبة هذا الكلام ما كان قد تحدَّث به معالي رئيس مجلس إدارة هيئة المحتوى المحلي والمشتريات الحكومية المهندس د. غسان بن عبدالرحمن الشبل لرؤساء التحرير وبعض الإعلاميين عن الهيئة التي لم يمضِ على إنشائها سوى سنة واحدة، وهي أحد مخرجات الرؤية والتحوُّل لتكون ضمن هيئات وقطاعات أخرى كثيرة، وُلدت تباعًا خلال السنوات القليلة الماضية.
* *
قال الدكتور الشبل في معرض تعريفه بالهيئة المعنية بالمحتوى المحلي والمشتريات الحكومية إنها تهدف - وفقًا للأمر السامي - إلى تنمية المحتوى المحلي بجميع مكوناته اقتصاديًّا، وإلى الارتقاء بأعمال المشتريات الحكومية من خلال متابعة الهيئة لها، وصولاً إلى تحقيق الأهداف التنموية والمالية بدخول الهيئة طرفًا فاعلاً في هذا المجال.
* *
هناك وظائف كثيرة، تدخل ضمن اختصاصات الهيئة، وقد تحدَّث عنها الدكتور الشبل طويلاً؛ فأشار إلى دور الهيئة في تنمية القدرات المالية، وتوطين الصناعات الوطنية، وتنمية المحتوى الوطني، وتعزيز الشفافية، والارتقاء وزيادة القيمة المضافة في المشتريات، والرقابة والقياس والتنفيذ، ووضع الأنظمة ذات العلاقة بالمحتوى المحلي والمشتريات الحكومية.
* *
وهناك أهداف استراتيجية أخرى لتفعيل المحتوى المحلي ودعم المشتريات المحلية. وكان من بين أهم ما ركز عليه الدكتور الشبل مساهمة الهيئة في عمليات المشتريات الحكومية، وأن هناك توجُّهًا لإعطاء الأفضلية للمحتوى المحلي والمنشآت الصغيرة والمتوسطة المحلية، وكذلك الشركات المدرجة في السوق المالية في المنافسات والمشتريات الحكومية. وهناك لائحة تقدم توضيحًا لهذا التفصيل وآلياته؛ إذ يتم التعامل مع المنتجات الوطنية ضمن أمور أخرى تفضيلية، بمنحها سعرًا أفضل بإضافة 10 % على سعر المنتج الأجنبي.
* *
وعندما تحدث الدكتور الشبل عن المحتوى المحلي أشار إلى أن هناك خلطًا بين المنتج المحلي والمحتوى المحلي، مشيرًا إلى أن المنتجات المحلية هي جزء من المحتوى المحلي، الذي يشمل إجمالي الإنفاق في المملكة، بمشاركة مجموعة من العناصر السعودية، بينها: القوى العاملة، والسلع، والخدمات، والأصول، والتقنية وغيرها .
* *
وتوقف رئيس مجلس إدارة الهيئة عند خاصية المحتوى المحلي، وأنه كلما ارتفعت نسبة المحتوى المحلي توافرت فرص وظيفية أكثر للمواطنين، إلى جانب تعزيز الاقتصاد الوطني، وتطوير القدرات الوطنية. بمعنى أن الاهتمام بالمحتوى المحلي هو اهتمام بالإنسان، بما يوفره من خدمات وفرص ومجالات، تصب في خدمته.
* *
على أن ارتفاع نسبة المحتوى المحلي مرهونٌ - كما فهمنا من الدكتور الشبل - بارتفاع نسبة المكوِّن السعودي في المنتجات والخدمات وغيرها، وهو ما يدخل ضمن مسؤوليات الهيئة، بالتعاون مع الجهات الحكومية الأخرى. ولعل صدور نظام المشتريات الحكومية الجديد، وإعطاء الأولوية للمنتج المحلي، يحفزان كل قطاعات الدولة والقطاع الخاص على لعب دور أكبر في تعزيز الدورة الاقتصادية، وبناء اقتصاد وطني قوي، يخلق مناخًا لقيام شركات ومصانع جديدة، وفرص وظيفية للمواطنين.
* *
كانت الطاولة المستديرة لاجتماع الدكتور غسان الشبل بالإعلاميين مبادرة تستحق أن يُكتب عنها، وعن المحاور الكثيرة التي كانت مثار نقاش حول المحتوى المحلي والمشتريات الحكومية، خاصة مع تواضع حضور الهيئة إعلاميًّا، وتقصيرها في تعريف المواطنين باختصاصاتها، وما أنجزته - وهو كثير - في فترة عام واحد فقط من أنظمة وتشريعات وبرامج وخطط. ولعل الهيئة تعطي في المرحلة القادمة اهتمامًا أكثر بالتواجد في وسائل الإعلام؛ ليتفاعل الجميع مع توجُّه الدولة واهتمامها الجديد بالمحتوى المحلي والمشتريات الحكومية.