د. أحمد الفراج
يبدو الأمر كما لو أن النكسات على الحزب الديمقراطي انفجرت جميعا، ولا أذكر أن مثل ذلك حدث في الماضي القريب، وكعادة الرئيس ترمب في التّنمر وعدم الشفقة مع الخصوم، فقد استغل ذلك بأفضل طريقة ممكنة، وأخذ يهاجم بشراسة، مثل الملاكم الذي لم يكن أحد يتوقع فوزه، ثم انتصر انتصاراً باهراً رغماً عن الجميع، ولم يوفر ترمب أحدا من خصومه، بدءا بالسيناتور النيويوركي العتيد، شاك شومر، الذي يسميه: «شاك الباكي»، مرورا بآدم شيف ورفيقه نادلر، ومعهم المرشح الاشتراكي، برني ساندرز، ولم يكن الديمقراطيون يتوقعون في أسوأ كوابيسهم أن تحدث الفوضى، التي حصلت في ايوا، كما لم يدركوا سوء حصانهم، جوزيف بايدن، نائب الرئيس أوباما، الذي يبدو أن سنّه المتقدم وقضية أوكرانيا أثّرتا عليه بشكل كبير، ولا يلام ترمب، فالديمقراطيون، وبمساندة من الإعلام، لم يحاولوا يوما أن يكونوا منصفين، حتى عندما يفعل ترمب الشيء الصحيح، مثل استهداف وقتل الإرهابي الشهير، قاسم سليماني.
تستعد ولاية نيوهامشير للتصويت، كثاني ولاية تصوت في الانتخابات التمهيدية، وتشير استطلاعات الرأي إلى أن جوزيف بايدن سيسقط مرة أخرى، فالمرشح المفاجأة، بيت بوتيجيج يتقدم، بعد أن فاز في ولاية ايوا، وهو فوز يشبه فوز باراك أوباما في عام 2008، ويتقدم معه برني ساندرز، وهذه مشكلة كبرى للحزب الديمقراطي، فالأول مُثلِي، والثاني يمثل أقصى اليسار، وينعته ترمب بالمجنون، فمن يريد الفوز برئاسة أمريكا، يتوجب أن يكون معتدلا، ولا شك أن معظم الناخبين لا يثقون برؤية اليسار المتطرف، بل ويرونه خطرا على الاتحاد الأمريكي، كما أنه يصعب على الشرائح المحافظة، وحتى بعض الشرائح المعتدلة، أن تصوت لمرشح مُثلِي، وهذا يعني أن مأساة الحزب الديمقراطي ستتواصل، ولا يبدو في الأفق ما يشير إلى أي عمل جدّي لانتشال الحزب، الذي يترنح تحت وطأة خيباته المتواصلة من جهة، وانتصارات ترمب من جهة أخرى، وسنواصل الحديث!.