ذكريات إبراهيم العميري
براعمنا بين عولمة الشبكات العنكبوتية والتطور والأقمار الصناعية والإبداع التكنولوجي، وبين انشغال أهاليهم وتركهم تائهين في ظلمات الإنترنت وشاشات الآيباد والجوال والبلاستيشن، قتلنا براءة أطفالنا وتجاهلنا عفويتهم تجاهلنا طفولتهم تندثر بين تلك الشاشات جعلنا المرض يتسلل إلى أجسادهم أصبح الطفل لا ينام إلا والجهاز أمامه وحين يقع الخطر نبكي أين المفر؟
مسكين ذاك الطفل الذي تُرِك بين شاشاتٍ إلكترونية يتخبط بين قاراتها المتباعدة كي ينتهي به المطاف في مطبات شبكات الإنترنت يتخبط تارة في ألعاب العنف وتارة أخرى بين مسلسلات وأفلام كارتونية قد لا تليق في سنه، يتجول بين هذا وذاك في تلك الشاشة الصغيرة ويلتقط عقله البريء أنواع البرامج التي قد تسرق منه براءة طفولته ووقته وعينيه وأخلاقه والكثير الكثير والذي من المفترض أن يعوضه عنه والداه بدلاً من هذه الشاشة الصغيرة هذا هو حال أبنائنا اليوم.
قتلنا براءتهم وانتشلنا طفولتهم لم نراقب تصرفاتهم وأعطيناهم أعماراً ليست بأعمارهم وعقولاً ليست بعقولهم، بسبب انشغالنا بالأمور الدنيوية أو بسبب تقدم العمر، أو... أو... نحن أنجبنا أطفالاً كي نربي ونصنع رجالاً وأمهاتاً للمستقبل نحن أنجبنا أطفالاً حتى نرى هذه البذرة التي هي جزء لا يتجزأ من هذا الوطن تأسست على الامتثال لأوامر الله وتربيتهم التربية الصالحة المستمدة من الكتاب والسنة، قال الإمام الغزالي - رحمه الله تعالى -: (الصبيُّ أمانةٌ عند والديه، وقلبه الطاهر جوهرةٌ نفيسةٌ خاليةٌ عن كل نقشٍ وصورة، وهو قابلٌ لكل نقش، ومائلٌ إلى كل ما يُمالُ إليه، فإن عُوِّد الخيرَ نشأ عليه، وسَعِدَ في الدنيا والآخرة أبواه، وإن عُوِّد الشر وأهْمِلَ إهمال البهائم، شَقِيَ وهَلَكَ، وكان الوزر في رقبة القيِّم عليه. وكما أن البدن في الابتداء لا يخلق كاملاً، وإنما يكمل ويقوى بالغذاء، فكذلك النفس تخلق ناقصة قابلة للكمال، وإنما تكمل بالتربية، وتهذيب الأخلاق، والتغذية بالعلم.(7).
الشبكة العنكبوتية اقتحمت بيوتنا واكتسحت عقول أطفالنا، أصبح جهاز الآيباد أو الجوال أو البلايستيشن لدى أغلب الأطفال في سن الرابعة وربما أقل من ذلك، هؤلاء أمانة في أعناقنا ونحنُ عميت أبصارنا ونسينا أو تناسينا بأن هناك جرائم ترتكب بحق هؤلاءِ الأبرياء وهناك ذئاب بشرية تترصد للفتيات بسبب الشاشات وما من حسيب ولا رقيب.. والضحية أبنائنا وبناتنا ونحن في غفلتنا نائمون بالعسل فإلى متى هذه الغفلة حفظكم الله وحمى أبناءنا وأبناءكم؟