د.عبدالعزيز عبيد البكر
حقيقة، لا بد أن يكون الجميع على علم بها، هي أن هذا الجيل أصبح العالم بين يديه بضغطة زر من خلال تعدُّد وسائل التواصل الاجتماعي، وأصبحت الأفكار والمفاهيم أمامه متداخلة مع بعضها.. وفي حقيقة الواقع إنها تتغير بسرعة، وبعجلة غير مسبوقة. وللأسف، حتى لو كانت هذه الأهداف والمبادئ ثابتة ورصينة فإنه يصيبها بعض الشك. وهذا ينطبق على البالغ والمراهق. وإذا كان الفرد في المجتمع في سن صغيرة وخبرة قليلة، ولا يملك القدرة على التحكم في فكره ومفاهيمه، مع تعدد وسائل التواصل الاجتماعي، أعتقد أنه يجب أن يكون لنا هنا وقفة! نعم، اختلف أسلوب الحياة عما كان عليه سابقًا، وأصبح أسرع، وأكثر تطلبًا وتحديًا؛ وبالتالي يجب أن تختلف طريقتنا في إدارة الأمور بما يتناسب مع وضعنا الحالي ومعطيات الزمن. وعلينا أن نحافظ على مكتسبات ومقدرات وقيم مجتمعنا، سواء كانت أخلاقية أو مادية. على سبيل المثال: قد لا يستطيع الوالدان بعد فوات الأوان إذا كانا يتعاملان مع ابن أو ابنه تغيير هذه الأفكار التي اكتسبها من وسائل التواصل إلا بعد فوات الأوان، وقد لا ينجحان، وقد لا يستطيع الوالدان معرفة سلوك ابنه عندما يخترق أحد المواقع الحساسة أو الأنظمة التجارية أو انتحالات شخصيات أخرى، فلا تعرف ما هي أهدافه وتطلعاته وأطماعه، ولماذا؟ خاصة أن وسائل التواصل الاجتماعي غيَّرت سلوك وأفكار الكثير من مستخدميها بإثراء المعلومة، سواء كانت إيجابية أو سلبية، والمستهدفون منها هم المجتمع؛ فتتحول هذه المعلومة إلى سلوكيات صالحة أو إلى طالحة بالعامية! فمنهم من يستخدمها بالطريقة الصحيحة للاستكشاف وإثراء المعرفة لأغراض مفيدة دون أي تغيير في مبادئه وأفكاره التي اكتسبها، وزادته علمًا وأخلاقًا وتبجيلاً. فكلما كانت المبادئ ثابتة وراسخة كان الشخص أكثر اتزانًا لقياس الأمور بتحكم وعقلانية للأفضل. كيف نعرف ذلك؟ حقيقة إن الأمور لا تقاس بكل سهولة لمعرفة ذلك؛ فقد أصبح سلوك الفرد في هذا الوقت ممزوجًا ببعض القناعات المزيفة التي اكتسبها مع تعدد وسائل التقنية الحديثة، وحتمًا ينظر إليها بنظرته الشخصية على أنها صحيحة! وأفكاره متقلبة وتتغير، فضلاً عن الحصيلة الضئيلة التي ربما يمتلكها، سواء كانت حصيلة ضحلة ثقافيًّا، أو من خلال قناعته النفسية المتراكمة الخاطئة. نحن أمام واقع حقيقي، شئنا أم أبينا؛ فهناك الملايين من التغريدات يوميًّا، ملايين من مقاطع السنابات، ملايين منلاختراقات التي تحدث في منظماتنا. ربما يكون أكثر المستهدفين والضحايا من المراهقين، وربما لا نستطيع بكل سهولة التحكم والسيطرة على عقل المجرم، فضلاً عن المظاهر المزيفة، وغيرها الكثير والكثير من الأسرار.. وجميعها مهمة، وتتطلب وقفة. ومن وجهة نظري أرى أن السيطرة على عقول هؤلاء الضحايا والتحكم بهم وبالذي يعتقدونه هو أشد خطرًا. لا شك أن هذا الجيل سوف تواجهه تحديات وسيول جارفة من أفكار ومفاهيم متشابكة مع بعضها، وحتمًا ومن المؤكد أن هذا يؤثر على أخلاقيات وقيم المجتمع وسلوكياته عند استخدامهم هذه التقنيات الجديدة بأنواعها كافة.
الأمن السيبراني هنا لنا معه وقفة؛ فقد انطلقت فعاليات المؤتمر الدولي للأمن السيبراني بالمملكة؛ وأصبحت الرياض هي أول نقطة انطلاق في منطقة الشرق الأوسط. وأسعدني جدًّا هذا المؤتمر الذي أقيم برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز للوقوف على المخاطر والتهديدات السيبرانية وحلولها. فماذا يجب علينا كمتخصصين بالأمن السيبراني أن نفعله تجاه المجتمع، وتجاه حالات أحيانًا أسميها شخصيًّا حالات صعبة، ولكنها قابلة للعلاج بسهولة، وفق الآتي:
1- كن ثابتًا على موقفك ومبادئك الرصينة، ولا تغيرك وسائل التواصل الاجتماعي بسهولة. وليس بالضرورة أن كل ما تقرؤه صحيحٌ؛ قد تكون هناك أهداف أخرى.
2- عندما تلتبس عليك فكرة معينة أو موضوع، ولا تعرف أين يكمن الصواب منها؟ عليك أخذ العلم من أهل الكفاءات، سواء كانوا من ذوي الخبرة الطويلة في هذا المجال أو من أشخاص لهم معرفة ومكانة بالعلم.
3- وعليك أن تكون مسؤولاً عن أفراد أسرتك؛ فهي البنية الأولى، ولا بد من ملاحظة سلوك أفراد عائلتك، والجلوس معهم، ومشاركتهم، والاطلاع على ما لديهم. صحيح أنه قد يكون الاطلاع على محتوياتهم لا يناسبهم، وقد يسبب بعض الأذى، لكن لا بد من إخبارهم بعد الاستئذان منهم أنه فقط من أجل السلامة والحرص والمشاركة والاهتمام.