ميسون أبو بكر
الشتاء غالبًا ما يكون موسم الأمراض المعدية التي تصيب الجهاز التنفسي فتلزم المصاب المنزل وعزلة مؤقتة عن محيطه سواء المدرسة أو العمل، وتكثر الاحتياطات لمنع انتقال العدوى أو الإصابة بالبرد، كما الخلطات المختلفة لزيادة المقاومة أو استرجاع الصوت الذي يعتبر فقدانه من أعراض البرد والزكمة والكحة وما يصاحبها.
لكن شتاء هذا العام جاء مخيفًا ومرعبًا أكثر حيث تخطى الخطر الإنفلونزا التي قد تستمر لأيام معدودة إلى الكورونا التي شغلت العالم وأقفلت مدنا عن بكرة أبيها وتسببت بشل حركة الطيران في بعض المدن وأربكتها في مدن أخرى، كما صارت المطارات وكأنها مستشفيات خصصت بها ثكنات طبية وأجهزة حساسة للتأكد من خلو الرحلات القادمة من مرضى مصابين بالكورونا.
الكورونا الذي أرعب العالم والقادم من بلاد الواق واق (الصين) التي نجح اقتصادها بالفترة التي سبقت تفشي المرض نجاحًا باهرًا وتحدت العقوبات الأمريكية والضرائب الباهظة التي فرضتها حكومة ترامب على صادراتها؛ يرى مراقبون واقتصاديون أنها حصاد لحرب غير اعتيادية شنتها الدولة العظمى على الصين، ويرى آخرون أنها خدع تجارية لبيع الأدوية بعد إثارة الهلع في الناس.
أيًا كانت القصة الحقيقية للمرض سواء العادات السيئة للصينيين في أكل الخفافيش أو الأفاعي وهو سبب الكورونا كما قرأت وتابعت، أو أغراض تجارية وسياسية أخرى فقد أعادنا المشهد لقراءة التاريخ ثانية ولذاكرة سوداء لأمراض هددت العالم سابقًا كالطاعون والجذام والجدري وقت كان العلاج بدائيًا والمحاولات يائسة لوقف عدد الموتى والعدوى أيضا.
في أيام معدودة وبطرق تكنولوجية بنيت مستشفيات في المنطقة الموبوءة في الصين معقل المرض -ووهان- التي حظر التجول فيها واعتبرت أكبر عملية حجر صحي في العالم، فهل التكنولوجيا قادرة اليوم على تحدي انتشار المرض والسيطرة عليه لتتخطى مؤشرات السوق اللون الأحمر، وتعود السياحة والسفر إلى سابق عهدها والأمن والاطمئنان للناس في كافة دول العالم التي أعلنت أجراس الخطر؟!
هي الحياة وهو الإنسان وقد لا يعيد التاريخ نفسه في عدد الأرواح التي يحصدها والتي لا تقتصر على الأمراض بل الحروب التي يتسبب بها الإنسان إضافة للكوارث الطبيعية.