عبده الأسمري
تعلق بالرياضة فتسلق الهمم وحقق «الحلم» وأعتنق «الأولوية».فأسس العلاقة الوثيقة بالمايك والصداقة الموثقة بالصدى.. فكتب اسمه في متون «الأسس» ووضع «وسمه» في فنون «التأسيس».
إنه المعلق الشهير زاهد قدسي -رحمه الله- أول معلق سعودي ورئيس لجنة المعلقين العرب.
بوجه دائري حجازي تعلوه علامات «الهمة» وتسكنه «ومضات «الإلهام» وعينان واسعتان تلمعان من خلف «نظارة» عريضة «الإطار» وملامح مكاوية أصيلة تستند على تأنق وطني في محافل الداخل وهندام أنيق في منصات الخارج وكاريزما خليطة بين الود والجد مع صوت جهوري يتناغم بتراتيبة عجيبة بين الوصف والتوصيف تتوارد منه «لغة» محببة و«لهجة» مقربة ومفردات «كروية» و«عبارات» رياضية «مذهلة ظلت قرينة» للمباريات «مقترنة» بالمشاركات قضى قدسي من عمره حوالي نصف قرن وهو يرسل صوته كوجبة «محببة» في المباريات ويردد صداه كذائقة «منتظرة» في المشاركات بتعليق «فريد « ظل وجهاً للزمن الجميل وركنًا للفن النبيل في منظومة «صوتية» تكاد ترى بالبصر.
في مكة المكرمة وُلد وتعتقت «أنفاسه» برياحين المكان وطمأنينة الأرض فتشربت نفسه «إمضاءات» الزهد وتسربت إلى وجدانه «إضاءات» القدسية فعشق أرضها وهواءها وتربى في كنف «أسرة» نبيلة أشبعت روحه بنصائح «النبل» وأسبغت تربيته بوصايا «الفضل» فنشأ بين قطبين من التوجيه والحنان فكبر وفي قلبه «ذكريات» الحنين وفي عقله «مذكرات اليقين» وركض بين أقرانه بين أزقة الحجون والزاهر وشعب عامر مكللاً بدافعية الطموح مجللاً بواقعية المطامح فظل يراقب «أهازيج» المكيين في «حارته» ويرتقب «أريج» المباخر في «دكاكين» جيرانه مبتهلاً بروحانية «النسك» وهو يرى «مواسم» الجمال في أم القرى كمراسم «سكينة» انطلق منها إلى دلائل «الموهبة» واستدلالات «المهارة».
كان قدسي شابًا يستمع إلى «نتائج» الناجحين في مذياع أسرته «العتيق» موجهًا أسماعه إلى «أصداء» الابتهال في أدعية الصباح موليًا آذانه إلى «قبلة» الامتثال في أصوات شجية تسلحت بالكلمة وتوشحت بالعبارة فكانت «المعادلة» الأولى التي استعمرت «دربه» فظل باحثًا عن «طموحه» بين صوته مستبحثًا عن «بوحه» بين لكنته فظل يؤدي بروفاته الأولى في «ملاعب» أم القرى باحثًا عن منصة «مثلى» يطل عليها كمحترف في مهنة كانت ترجح كفة «أحلامه» رغمًا عن «مقاعد التعليم».
ولأنه شغوف بالمعرفة ظل يلاحق بعد نظرة باكرًا حيث قضى سنوات من تعليمه الأول في مكة ثم سافر إلى مصر للتعلم ونشأ فيها يتيماً وأمضى فيها (13) ليعود في العام 1377هـ حاملاً دبلوم التجارة، وفي مصر كان يتابع «التعليق» في كل أوقات فراغه ليبدأ سبر أغوار موهبته التي تحولت إلى ريادة مستديمة.
بدأ حياته العملية عام 1378 حيث عمل معلمًا في مدرسة السعدية ثم وكيلاً للمدرسة التجارية المتوسطة، ثم تولى إدارة مدرسة الزاهر، ثم أسس أول مدرسة نموذجية في مكة وهي مدرسة الملك فيصل النموذجية وأحيل للتقاعد عام 1416.
كان قدسي أول مدير تحرير صحيفة رياضية عام 1380 وكان اسمها «الرياضة» وكتب مقالات في صحف عدة وقدم واعد العديد من البرامج الرياضية وارتبط اسمه كأول معلق يعلق على مباراة محلية في الإذاعة الرسمية.
رأس قدسي لجنتي المعلقين العرب والسعوديين، وعمل مستشارًا في نادي الوحدة وعضواً لإدارة المنتخبات باتحاد الكرة بجانب عضويته في اتحاد الكرة الطائرة لمدة (16) عاماً، واختير عضواً للجنة قواعد لعبة الطائرة بالاتحاد الآسيوي لمدة ثماني سنوات، وشارك في العديد من المؤتمرات والتجمعات العربية والعالمية الكشفية، كما علَّق على العديد من الدورات المدرسية والخليجية والعربية، وحمل قدسي عضوية اللجنة الكروية الفنية لثلاث وزارات: الداخلية والمعارف والعمل، كما كحكم معتمد للألعاب المختلفة، وقام بتحكيم العديد من المباريات.
كان صوت قدسي «ذوقاً» ينعش حس المشاهدة و«ذائقة» تدهش إحساس المتابعة، وظل وصفه «المذاق» الذي يثير «الاستئناس» في مباريات الداخل ويولد «الحماس» في مشاركات الخارج فكان «سر» الارتباط المفضل «بين الحدث والحديث».
توفي -رحمه الله- في 17 محرم عام 1424هـ، إثر تعرضه إلى جلطة قلبية، بعد عقود من العمل المكلل بالنموذجية والمتسم بالعصامية.
تبنت أسرته إقامة جائزة باسمه للتعليق الرياضي وتأسيس متحف يضم تراثه ويحتضن إرثه.
رحل زاهد قدسي وبقت عطاءاته العامرة بالحرفية الغامرة بالاحترافية ليظل رمزاً من رموز التعليق وأنموذجًا من نماذج التشويق ومدرسة صوتية في الأداء والأصداء.