محمد سليمان العنقري
شهدت انتخابات مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة الرياض الأخيرة منافسة غير مسبوقة، تميَّزت بحملات دعائية ضخمة من بعض المرشحين في حدث تحول لأن يكون محور اهتمام شريحة واسعة في المجتمع رغم أن المعنيين بالانتخابات المرشحين هم من يملكون سجلات تجارية في مدينة الرياض وقد يكون السبب هو أسلوب الدعاية الذي رافق حملات المرشحين من حيث الانتشار عبر وسائل عديدة.
لكن هذه الانتخابات فتحت الباب على تساؤلات عديدة وأيضاً سلطت الضوء على مستقبل دور الغرف في خدمة قطاع الأعمال وماذا يجب أن تقدم مجالس إداراتها، إن أول تساؤل يطرح نفسه حول هذه الحملات الدعائية التي من الواضح أنها كانت مؤثراً بنسبة كبيرة بنجاح أغلب من فاز بهذه الانتخابات وبالتالي فإنه من المتوقع أن تشهد الانتخابات القادمة لأي غرفة حملات مشابهة، والتي لن يستطيع القيام بها إلا تجار مقتدرون، وبذلك تتقلص فرص أصحاب الأعمال الصغيرة بأن يحصلوا على تمثيل مناسب في المجالس من خلال الانتخابات بالتحديد، لأن المنافسة ستكون مستحيلة إذا كان حجم الإنفاق في الحملات الانتخابية للمرشح هو العامل الحاسم في تسويقه لدى الناخبين، مما يعني بالضرورة النظر للوائح الترشيح والانتخابات بما يكفل تحقيق التوازن المطلوب في شرائح الفائزين من المرشحين للانتخابات كي لا يقتصر النجاح على الأثرياء من التجار أو الصناعيين أو من ينفقون مبالغ طائلة على حملاتهم حتى لو لم يكونوا من كبار التجار.
أما ما سيتم تسليط الضوء عليه فهو دور مجالس إدارات الغرف في دعم قطاع الأعمال خصوصاً الأعمال الصغيرة والمتوسطة وعلى الرغم مما تشهده بعض الغرف من نشاط بتقديم مقترحات أو دراسات لنقل تحديات واحتياجات قطاع الأعمال، لكن دور الغرف ما زال بحاجة للتطوير والدخول في تفاصيل السوق وتكوين لجان تضم فئات عديدة من مختلف شرائح الشركات والمؤسسات لتلعب دوراً فاعلاً في نقل كل ما يواجهها من تحديات وما تحتاجه للنهوض بأعمالها فاللجان الفرعية الحالية تحتاج لإعادة صياغة في معايير اختيار أعضائها وذلك لزيادة المشاركة في عمل الغرف التجارية فالصورة النمطية السائدة أن أهم خدمات الغرف هو بعض الإجراءات للمعاملات الروتينية لكنها لم ترتق من وجهة نظر الكثيرين لتكون قلباً نابضاً بالحيوية المطلوبة لدعم قطاع الأعمال في كثير من احتياجاته.
ففي بعض الدول يتم اختيار عدد مؤثر في مجالس الغرف من أفراد ليسوا تجاراً، إنما هم أكاديميون ليكونوا هم حلقة وصل بين التجار والأجهزة الحكومية حتى تكون المقترحات والدراسات ذات بعد شامل لا تخدم طرفاً واحداً فقط على حساب المصلحة العامة، كما أن توجه الدولة لدعم القطاع الصناعي من خلال برنامج «ندلب» وتأسيس وزارة للصناعة قبل عدة شهور أصبح من الضروري النظر بإمكانية فصل الصناعة بغرف مستقلة تُسمى «الغرفة الصناعية» في بعض المناطق التي توجد بها مدن صناعية أو يتركز فيها عدد كبير من المصانع وتعمل هذه الغرف على المساهمة في تطوير القطاع الصناعي من خلال تطوير الصناعيين ودعمهم بكل الأدوات التي يحتاجونها من مهارات إدارية وتنقل احتياجاتهم للجهات المعنية بينما تبقى الغرف الحالية للتجارة فقط.
انتخابات الغرف التجارية الصناعية لها تاريخ قديم في المملكة لكنها في الدورة الحالية لغرفة الرياض شكلت منعطفاً مهماً من حيث النظر لدور الغرف في دعم قطاع الأعمال وأيضاً الحاجة لإعادة حوكمة أعمالها والتفكير بما يمكن أن تقدمه للاقتصاد من خلال دورها في رؤية 2030م.