محمد المنيف
لن أتحدث اليوم كالعادة عن بدايات تأسيس ونشأت الفن التشكيلي في وطننا الغالي، لكن سأضع المجهر على مرحلتين مهمتين في مسيرة هذا الفن القريبتين، الأولى ما حدث له من ضبابية لم يعد التشكيليون يرون فيها طريقهم أو يحددون مسارهم.. تولدت تلك الضبابية باختلاط المشهد بين مؤسسات رسمية تراجع نشاطها أتاحت الفرصة لاستغلال هذا الفن من مؤسسات تجارية للترويج جعلت من الفن التشكيلي جزءًا من الطعم لتسويق منتجاتهم.. وصل الأمر إلى وضع هذا الفن في غير مكانه ولا مكانته فتم عرض الأعمال الفنية في بازارات تتعدد فيها البضائع منها الغذائية أو الملابس أو للدعاية لحفلات فنانين برسم شخصياتهم تحول فيها الهواة إلى رسامي مناسبات.
تلك الضبابية تحولت أخيرًا إلى المرحلة الثانية وهي مرحلة الغياب التي جعلت الفن التشكيلي يحضر أحيانًا قويًا وفي أحايين كثيرة ضعيفًا هزيلاً لا طعم له ولا رائحة بفعاليات أغلبيتها تجمع لهواة وليست مواهب تزاحم فيه الرسامات بلوحات تبرز مفاتن المرأة بألوان المكياج أكثر منهن فنانات لهن تجارب تستحق أن تحسب ضمن المتميزات في مسيرة الفن المحلي.
هذا الغياب وتلك التذبذبات في رسم المسار التشكيلي بيانياً تنتظر عودة مدروسة وبرامج ناضجة وهو ما يتوقعه الجميع من وزارة الثقافة ممثلة في هيئة الفنون البصرية ومؤسسة مسك ممثلة في معهد مسك للفنون وبقية المؤسسات المأمونة الجانب لتحقيق الاستمرار مثال ذلك مركز إثراء التابع لأرامكو والمجلس الفني في جدة.
أو ما يمكن أن يحدث من إنشاء مؤسسات تهتم بالفنون البصرية كالمعاهد التي تقيم دورات متخصصة أو متاحف في مختلف المناطق تقتني المتميز من الأعمال التي تمثل ثقافة وتراث الوطن وتحمل رسالة لأجيال الأزمنة القادمة.
إن في الانتظار ما يطمئن لكن على أن يكون هناك استفادة مما مر بهذا الفن من فوضى عارمة لم يعد يفرق فيها المتلقي بين من يستحقون الاهتمام وبين من جاء طلبًا للشهرة وجدوا من يصفق لهم ويمنحهم الألقاب ويقدمهم على من قضى عمره في البحث والتجريب مقابل منتج لا يختلف عن الوجبات السريعة.