علي الخزيم
أثارت قصة الفتاة المعضولة بإحدى محافظات القصيم -مؤخراً- مشاعر عدد من الغيورين لا سيما من المحامين والمحاميات الذين تطوعوا لتقديم كل إمكاناتهم القانونية للدفاع عن مثل هذه الحالة دون مقابل؛ تعاطفاً مع كل من ترزح تحت وطأة ظلم ولي الأمر العاضل، وتفاعل محامون ومحاميات بمدن المملكة مع مبادرة إنسانية جديدة باسم (لا تعضلها) تهدف لتقديم المساعدة القانونية لضحايا العضل من النساء، وأعلن عدد منهم عبر الوسم الإلكتروني في تويتر (لا تعضلها) تبرعهم بتقديم العون القانوني والاستشارات للمعضولات والترافع أمام المحاكم عن عدد من الحالات العاجزة عن التكاليف.
ونشر عدد من هؤلاء المحامين مقاطع وعبارات بحساباتهم على المواقع الإلكترونية تتضمن دعماً للحراك القائم حالياً للتصدي لهذه القضية من قبل وزارة العدل والمؤسسات القضائية ومن المجتمع، وعبَّر محام شهير بقوله: إن أعظم جريمة يمكن أن ترتكب بحق المرأة هي أن تحرم من الزواج وتكوين أسرة وإنجاب أطفال، مبيناً أن دورهم كمحامين دفعهم لإطلاق هذه المبادرة لمساعدة المعضولات.
وكان إمام وخطيب مسجد قباء المدير العام لمركز البيان لتدبر معاني القرآن بالمدينة المنورة الشيخ صالح المغامسي قد تحدث بإحدى حلقات برنامجه الجماهيري (الأبواب المتفرقة) عن تعنيف وعضل وأخطاء من بعض الآباء تجاه بناتهم، مشيرًا إلى أنه: (ليس كل أب أهلاً لأن يرعى ابنته)؛ إلاَّ أنه أكد وجود طريق شرعي لمعالجة المشكلة (فلا نعالج الباطل بباطل)، وأضاف: لكن لا نقول للنساء افعلْن ما تشأن أسوة بالغرب أو بالشرق! لا يمكن للمؤمن أن يحيد عن كتاب الله وسنة رسوله، ولا يجوز لأحد كائنًا من كان -رغبة أو رهبة- أن يحيد بالناس عن شرع الله، ومضى يقول: نحن -ولله الحمد- نفخر ونشرف بتحكيم شرع الله، فالقاضي سيخاطب النيابة العامة وإمارة المنطقة والجهات التنفيذية في الوصول إلى المقصود الشرعي بأن تستعيد هذه المرأة حقها، لافتاً إلى أن أبواب الشكوى متاحة للمرأة بطرق متعددة للإبلاغ عما يصيبها من تعنيف أو أذى أو تأديب مبالغ فيه أو منع من الزواج، ولها أن تطالب بحقها، والشرع يكفل لها ذلك.
ما يدعو له فقهاء الأمة وما يسعى له رجال القضاء والقانون يضع مؤشراً على تزايد الحالات، وأنها قد تبلغ حدوداً يصعب تجاوزها بسهولة، وهذا ما يستدعي وقفة اجتماعية جادة وصلبة أمام أي معوقات زائفة تحد من زواج الفتيات أو عضلهن بحجج وادعاءات ومفاهيم اجتماعية رخوة غير مقنعة، ويمكن تخطيها بفهم الواقع والنظر إلى المصالح العليا للفتيات والمجتمع عامة ولتفادي ما قد ينجم عن التهاون بالأمر من فتن وشرور.
العدل والانصاف والشرع والعرف كلها تقول: بوجوب الاهتمام بالنواحي الوجدانية العاطفية ومراعاة ما يختلج بنفوس مثل هؤلاء الفتيات من أحلام وآمال وحق مباح بالزواج والأسرة، فبارك الله بكل مسعى يجلو الهم والغبن عن كل معنفة ومعضولة ومحبوسة عن الزواج؛ وآثم من منع حق الزواج وفرصة إنجاب ذرية وتكوين أسرة تكون سنداً لهن بالدين والدنيا.