م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1. في كتابه (وجهاً لوجه مع التنمية) الذي نُشر في عام (1989م).. دفع الدكتور غازي القصيبي بسؤال وصفه بالخطير وهو: هل من الواجب إيقاف التنمية إذا كانت من أسباب عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي؟ وضرب على ذلك بالمثال الحي في ذلك الحين وهي إيران التي شهدت في حكم الشاه تنمية سريعة وقفزات تنموية واسعة.. ربما كانت هي التي أقامت الناس على حكم الشاه ولم تقعدهم حتى أسقطته.. حينما استجابت لتوجيه رجال الدين الذين كانت التنمية على حسابهم.. ثم يضيف أن التنمية السريعة التي يشهدها الخليج اليوم هي من أسباب شكوى المواطن الخليجي.. فقد نقلته من حال إلى حال ما عهدها منذ جدوده وأن هذا أقلقه.. مما سوف يضع المنطقة تحت تهديد عدم الاستقرار سياسياً واجتماعياً.. لكنه أعلن رفضه القطعي لهذا التصور.. وطرح رأيه في خطورة وقف التنمية في كتاب كامل «رحمه الله».
2. اليوم وبعد مرور ثلاثة عقود على سؤال الدكتور غازي هل شهدنا في منطقة الخليج اضطرابات وعدم استقرار سياسي؟ الحقيقة لا.. بل إن الدول التي استبدلت التنمية بخدمة أجندتها في تصدير الثورة أو عداوة الآخرين أو قمع شعوبها من باب حمايته هي التي شهدت اضطرابات وعدم استقرار سياسي محق كل مكتسبات مجتمعاتها التاريخية وإعادتها إلى الوراء.. بينما المجتمع الخليجي يعيش حالة ازدهار تجعل من المقارنة بالمجتمعات الشقيقة المجاورة مقارنة غير موجودة إطلاقاً.
3. أيضاً هل وجدنا الإجابة على ذلك السؤال الخطير أم لا يزال ذلك السؤال قائماً دون حسم؟ الحقيقة أن «رؤية المملكة 2030» تثبت أنه قد تم حسم الإجابة.. بل إننا إذا كنا متخوفين في الثمانينيات من سرعة المسير في التنمية ذلك الحين فإننا اليوم نسير قُدُماً وبأضعاف سرعة ذلك المسير.. وأننا منذ انطلاق الرؤية نشهد تحولات صعبة الاستيعاب لكنها تحولات مُرَحَّب بها.. والفرح بها شامل وعام.. والتطلع إلى نتائجها يمثِّل حالة من الاستبشار السعيد.. فالذي يحصل على المستويين الحكومي والمجتمعي يؤكد وبكل وضوح أننا منطلقون في التنمية بأقصى عزم.. فشدوا الأحزمة.
4. التنمية تعني الحياة.. فالتنمية المتعثرة تعني المرض.. والتنمية المستدامة تعني الصحة المستدامة.. ولا يجب أن تتوقف التنمية تحت أي ظرف أو حجة.. فهي ليست محل أخذ ورد أو شد وجذب.. فالمساس بالتنمية يعني المساس بحياة المجتمع كله بناسه وأجياله القادمة وتقدمه.. التنمية تعني الحياة بصحتها ومرضها.. والرغبة في المرض ليست في تصور أي فرد سوي.