د. أحمد الفراج
حرص الآباء المؤسسون للولايات المتحدة الأمريكية، قبل أكثر من مائتي عام، على وضع نظام انتخابي فريد، يشبه دولتهم الفريدة، وعلى عكس كل بلاد العالم، فإن الانتخابات الأمريكية للرئاسة تستغرق وقتاً طويلاً جداً، وتستنزف أموالاً طائلة وجهوداً كبيرة، ويتوجَّب على المرشح أن يكون مستعداً لذلك، ولعلي أعود بكم إلى الوراء قليلاً، وأذكِّركم بأن الرئيس، باراك أوباما، بدأ مسيرته في انتخابات الرئاسة شاباً يافعاً رشيقاً، ولم يكد يفز بالرئاسة، في عام 2008، حتى أصبح شخصاً آخر، فقد شحب لونه، وابيضَّ شعر رأسه، نتيجة ما لاقاه خلال فترة الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، ومن ثم انتخابات الرئاسة، من فحص دقيق لكل شؤون حياته، منذ كان طفلاً، حتى أصبح عضواً في مجلس الشيوخ، فالإعلام الأمريكي متوحِّش، والشعب الأمريكي مولع بمعرفة التفاصيل الدقيقة لكل مرشح، ونتيجة لذلك، فإن بعض الساسة يحجمون عن الترشّح للرئاسة، إذا كان لديهم ماض لا يرغبون في نبشه، لأنه قد يؤدي لما لا تحمد عقباه.
لو لم يترشح الرئيس بيل كلينتون للرئاسة، في عام 1992، لما عرف الناس تاريخه الحافل مع العشيقات، وهو تاريخ طويل، بدأ حتى قبل مسيرته السياسية، والتي بدأها كوزير للعدل، ثم كحاكم لولاية أركنساس الصغيرة، في عمق الجنوب الأمريكي، وقد بقي ذلك التاريخ الغرامي سراً، حتى ترشَّح للرئاسة وأصبح تحت المجهر، وبدأ الجمهور يتشوَّق كل يوم لسماع قصة مغامرة جديدة للشاب الوسيم، وكانت مغامرات كلينتون فريدة وجريئة، لدرجة أن أحد أفراد شرطة ولاية أركنساس اعترف بأن حاكم الولاية، الشاب المغامر بيل كلينتون، استعان بخدماته للمساعدة في مغامراته العاطفية، ومع كل ذلك، فقد تجاوز كلينتون كل تلك الفضائح وفاز بالرئاسة، والحق يُقال إنه كان واحداً من أفضل الرؤساء في النصف الأخير من القرن الماضي، إذ كان عهده زاهراً، لدرجة أن الأمريكيين ما زالوا يتذكّرونه حتى اليوم، وطالما أننا ما زلنا في بداية الموسم الانتخابي، فإننا بانتظار ما ستسفر عنه جهود الإعلام في «النبش» بسجلات المرشحين، فلا يمكن لأي مرشح أن ينجو، ولكن الفضائح تتفاوت بين مرشح وآخر، وسيتواصل الحديث!